للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتَّبعه فهو معاندٌ أو معاندٌ ومقصِّرٌ معًا.

هذا وقد مكث النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قبل القتال نحو خمس عشرة سنةً يدعو الناس ويعرض نفسه عليهم، واتَّبعه على ذلك مَنْ اتَّبعه، حتى اتَّبعه الأنصار وهم مِنْ أقرب الناس إلى معرفة الدِّين لمجاورتهم أهلَ الكتاب. بل واتبعه بعض علماء أهل الكتاب كعبد الله بن سلام، وشاع عنه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قبل النبوَّة ما شاع من شرف المحتد وكرم الأخلاق وغير ذلك، ثم شاع عنه بعد النبوَّة ما يدعو إليه من تعظيم الله عزَّ وجلَّ والأمر بالعدل والإحسان وصلة الرحم والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، وشاع عنه أشياء من المعجزات وغير ذلك. فَمَنْ أصرّ من الكفار بعد ذلك كلِّه على الكفر وغضب له فقاتل عليه حتى قُتِل فلا يكون إلا معاندًا أو مقصّرًا، وحسبك في عنادهم قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت: ٢٦].

وقد أوضح الله تبارك وتعالى حال الكفار الذين يستحقُّون النار بقوله سبحانه: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا [ز ٤٤] أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (٣١) وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٣) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٣٤) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٣٥) فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٣٦) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣٧)} [خواتيم الجاثية].

وقال عزَّ وجلَّ: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذَا أُلْقُوا