للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المراد جبابرة المشركين الذين أُلْقُوا في قليب بدر لا يخالف ما ظهر لي؛ فإن كثيرًا من تفاسير السلف يخرج مخرج التمثيل كما نبَّه عليه أهل العلم (١).

هذا، وسياق الآية يدلُّ أن الختم وما معه ضربٌ من العقاب، ولهذا عطف عليها قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

وفي روح المعاني: "إسناد الختم إليه عزَّ وجلَّ باعتبار الخلق، والذمُّ والتشنيع الذي تشير إليه الآية باعتبار كون ذلك مسبَّبًا عما كسبه الكفار من المعاصي كما يدل عليه قوله تعالى: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء: ١٥٥]، وإلا أشكل التشنيع والذمُّ على ما ليس فعلهم. هكذا قاله مفسرو أهل السنة عن آخرهم فيما أعلم" (٢).

وأما آية الشرح فهي قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} إلى قوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: ١٢٤ - ١٢٥].

ففي الآية الأولى مثالٌ مِنْ عنادهم، وفي الآية الثانية أن الإضلال


(١) انظر: مقدِّمة في أصول التفسير ٤٣، إذ تبيِّن أن غالب ما يثبت عن السلف من الخلاف في التفسير هو اختلاف تنوُّع، وهو نوعان، أحدهما: أن يعبِّر كلٌّ منهم عن المراد بعبارةٍ غيرِ عبارة صاحبه تدلُّ على معنىً في المسمَّى غيرِ المعنى الآخر مع اتِّحاد المسمَّى. والنوع الثاني: أن يذكر كلٌّ منهم من الاسم العامِّ بعض أنواعه على سبيل التمثيل.
(٢) روح المعاني ١/ ١٣٢.