للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خرجوا بذلك عن رسم الأمة فلا يصدق عليهم الجماعة ولا السواد الأعظم؛ لأنَّ المراد جماعة المسلمين, والسواد الأعظم منهم، كما هو ظاهر، والله أعلم.

وليس غرضي مما تقدَّم الحكمَ على أكثر الأمَّة بالضلال، وإنما مقصودي أن يعلم الناظر أنَّ ذلك أمر محتمل في نفسه، فلا يصُدُّه حسن الظن عن تدبُّر كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وما كان عليه سلف الأمة. (١) فأما حديث البخاري وغيره عن عقبة بن عامرٍ في صلاة النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على شهداء أحد وخطبته بعد ذلك وقوله: «وإني والله ما أخاف أن تشركوا بعدي» (٢)، فقال الحافظ في الفتح: أي على مجموعكم؛ لأنَّ ذلك قد وقع من البعض، أعاذنا الله تعالى (٣).

وأشار في موضعٍ آخر إلى أنه خاصٌّ بالصحابة؛ لأنهم المخاطَبون، وعبارته: «ووقع من ذلك في هذا الحديث إخباره .... وبأنَّ أصحابه لا يشركون بعده، فكان كذلك» (٤).

وفي صحيح مسلمٍ من طريق أبي سفيان عن جابرٍ قال: سمعت النبي


(١) من هنا يبدأ ملحق ٥٢.
(٢) أخرجه البخاريُّ في كتاب الجنائز، باب الصلاة على الشهيد، ٢/ ٩١، ح ١٣٤٤، ومواضع أخرى. ومسلمٌ في كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - وصفاته، ٧/ ٦٧، ح ٢٢٩٦، من حديث عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه.
(٣) الفتح ٣/ ١٣٩. [المؤلف]
(٤) الفتح ٦/ ٤٠٠. [المؤلف]