للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأثقال العظيمة, والمشي على سلك دقيق ممدود بين جدارين، أو نحوها، والإمساك عن التنفس مدة طويلة، وغير ذلك مما لا يستطيع الإنسان فعله ابتداء، ولكن أصحابه تمرَّنوا عليه زمانًا حتى سَهُلَ لهم.

ومن هذا القبيل: الإمساك عن الأكل مدة طويلة, وتناول بعض السموم, وإدخال حديدة في موضعٍ خاصٍّ من البدن.

وقد رأيت فقراء يزعمون أنهم رفاعية زعموا أنهم يأتون بالخوارق، فكان أحدهم يُدخل حديدة في طرف عينه اليمنى ثم يرفع بها حدقته رفعًا يسيرًا، وهذا عمل بسيط، وهو يأبى أن يغرز الحديدة في نفس الحدقة أو يبرز الحدقة أكثر مما كان يبرزها. فأخبرناهم أن هذا ليس بشيء، فتقدَّم آخر وجعل يجذب جلد بطنه ثم يغرز فيما انجذب من الجلد مسلّة (١)، ولكنه يأبى أن يغرزها في حشاه بحيث تخرق الصِّفاق (٢)، بل يأبى أن يغرزها في موضع آخر من جلده. ثم تقدَّم الثالث ــ وكان أهمَّهم ــ[٦٧] فأبرز حنجرته وحلقومه إلى الأمام إبرازًا فاحشًا، ثم غرز حديدة في جانب عنقه الأيمن، ومرت وراء الحلقوم حتى نفذت من الجانب الأيسر، ولكن لحقته صعوبة شديدة وساعده أصحابه وبعد نفاذها سال دم وتأَلَّم الرجل. وحاول أصحابه أن يكتموا ذلك ولكن كان ظاهرًا، فقيل لهم: إن كان هذا كرامة فَلِمَ هذا


(١) هي بمعنى الإبرة.
(٢) الصِّفاق: غشاء ما بين الجلد والأمعاء. انظر: المعجم الوسيط، ص ٥١٧.