هذه رسالة العبادة للعلَّامة عبد الرحمن بن يحيى المعلِّمي، وهي عظيمة القدر لجلالة الغرض الذي أُلِّفت من أجله، وهو تحديد معنى العبادة التي يكون صارفها لله وحده مسلمًا موحِّدًا، وجاعل شيء منها لغيره مشركًا مندِّدًا، وقد اقتضى ذلك من المؤلِّف أن يستقرئ كتابَ الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكتبَ التفسير والحديث واللغة والتاريخ وغيرها.
وقد جمع فيها المؤلِّف علمًا جمًّا، وحرَّر المسائل التي بحثها تحريرًا بالغًا.
والمعلِّمي ممن أوتي فهمًا في الكتاب والسنة، وحاز أدوات البحث والتحقيق، فإن يمَّمت شطر علم التوحيد بفروعه ألفيتَه قائد لوائه، ويشهد على ذلك كتابه «القائد إلى تصحيح العقائد» و «دين العجائز أو يسر العقيدة الإسلامية»، و «رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله وتحقيق معنى التوحيد والشرك بالله»، وهو مشهور بكتاب «العبادة»، وهو الذي أقدِّم له هنا, و «عمارة القبور» و «التأويل» , ورسائل كثيرة.
وإن نظرت إلى علوم الحديث روايته ودرايته، فهو حامل رايته، ومرصّع جواهره، وقد كتب رسالة «أحكام الجرح والتعديل وخبر الواحد» , و «الاستبصار في نقد الأخبار» , و «العمل بالحديث الضعيف» , وحرَّر رسالة «علم الرجال وأهميته» , وألّف «الأنوار الكاشفة لما في كتاب (أضواء على السنة) من الزلل والتضليل والمجازفة»، فدافع فيه عن السنة النبوية دفاعًا مجيدًا. وصنّف كتابه البديع «التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل» الذي طبقت شهرته الآفاق. وحقَّق «التاريخ الكبير» للبخاري, و «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم الرَّازيِّ، و «الأنساب» للسمعاني, و «الإكمال» لابن ماكولا.