للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ العلماء ــ يتوهَّمون أن المشركين يعتقدون في الأصنام من أشجار وأحجار وغيرها أنها واجبة الوجود قادرة على كلِّ شيء خالقة رازقة مدبِّرة للعالَم. ولقد كَلَّمْتُ بعضهم في شأن الوثنيِّين من أهل الهند وقولهم في الأصنام, فقال: إذا كان هذا قولهم في الأصنام فليسوا بمشركين! ! وحجته أنهم لم يخالفوا التوحيد الذي حقَّقه علماء التوحيد، وهكذا غلب [١٢١] الجهلُ بمعنى لا إله إلا الله، والغلطُ فيه وفي حقيقة الشرك الذي بعث الله عزَّ وجلَّ رسله لإبطاله، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

واعلم أن كلمة «واجب الوجود» لم ترد في الشرع، وأقربُ ما يؤدِّي معناها من الأسماء الحسنى اسمه تعالى: «الحق». وفي الحديث الصحيح: «أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد:

ألا كلُّ شيء ما خلا الله باطل» (١)

والمراد بالباطل هنا ــ والله أعلم ــ ما يُعَبِّر عنه المتكلمون بجائز الوجود أو ممكن الوجود فيكون ضدُّه الحقَّ بمعنى واجب الوجود.

ثم رأيت كلام الحافظ ابن حجر على هذا الحديث فرأيت فيه ما لفظه: «والحقُّ على الحقيقة مَنْ لا يجوز عليه الزوال» (٢).

وتمام البيت:

وكلُّ نعيم لا محالة زائل


(١) البخاريّ، كتاب مناقب الأنصار، باب أيَّام الجاهليَّة، ٥/ ٤٣، ح ٢٨٤١. ومسلم، كتاب الشِّعر، ٧/ ٤٩، ح ٢٢٥٦ (٣). [المؤلف]
(٢) فتح الباري ٧/ ١٠٤. [المؤلف]