للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهد المرء أنه لا مستحق للعبادة إلا الله عزَّ وجلَّ ثم اعتقد أو ادَّعى أو جوَّز أن غير الله تعالى مستحق للعبادة فقد نقض الشهادة، ثم قد علم من شهادته بذلك اعترافه بأنه إن عبد غير الله تعالى فقد عبد ما لا يستحق العبادة.

وقد علم المشركون أن دعوة المسلمين هي إلى ترك الشرك ومنه عبادة غير الله تعالى، وإلى توحيد الله تعالى بأن يعبده ولا يشرك به شيئًا، وأنهم يكتفون من المشرك بأن يشهد ألَّا إله إلا الله [١٧٩] وأن محمدًا عبده ورسوله على سبيل البراءة من الشرك كلِّه والتزام التوحيد كلِّه، بل الإسلام كلِّه.

أولا ترى أننا لا نطالب الكافر بإقامة الصلاة وأداء الزكاة وترك الخمر وغير ذلك، فإذا أسلم طالبناه وقتلناه إن لم يُصَلِّ, وقاتلناه إن لم يزكِّ, وحَدَدْناه إن شرب الخمر.

وهل ذلك إلا لأن الكافر لم يلتزم أحكام الإسلام, فإذا تشهَّد على سبيل التزام الإسلام فقد التزم ورضي بجميع الأحكام. وفي لفظ الإسلام ما يومئ إلى ذلك أي أنه أسلم نفسه لكلِّ ما يَحْكُمُ به الدين, فإن قتلناه أو قاتلناه أو حَدَدْنَاه فبمقتضى رضاه.

ولهذا إذا حكَّمَنَا الكفار في قضية حكَمْنَا بينهم بحكم (١) ديننا ونفَّذْناه عليهم لرضاهم بذلك حين حكَّمونا، وهذا (١) يوضح لك أن النطق بالشهادة على سبيل الالتزام يتضمن التزام (١) جميع أحكام الإسلام، فإذا خالف بعد الشهادة شيئًا من (١) الأحكام فقد أَخَلَّ بالشهادة, إلا أن الإخلال قد يكون نقضًا لأصل (١) الشهادة كزعم أن غير الله تعالى مستحق للعبادة [١٨٠]


(١) هذه بدايات خمسة أسطر في المخطوط، وقد تآكلت الورقة فلم تظهر بعض حروف هذه الكلمات، والمثبت اجتهاد منِّي.