للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيقربوا (١) المحترم إلى الله عزَّ وجلَّ، لقربهم منه لما عرفوا به من الصلاح والخير. وهذا الاحتمال الثاني هو الأقرب والله أعلم, وهو الذي علّل به أهل العلم عبادة الأصنام كما يأتي نقل كلامهم.

بقي أن في القصة أن الآباء الأولين هم الذين اتخذوا التماثيل ليتذكروا بها أولئك الموتى، وأن الذين عبدوها إنما هم الخلف، فماذا كان يصنع بها الأولون؟

أقول: في القصة أنهم إنما صنعوها لتذكر إيمانهم إذا رأوا التمثال ذكروا صاحبه وما كان عليه من الخير والصلاح وكثرة العبادة, فيبعثهم تذكره على النشاط في عبادة الله عزَّ وجلَّ, كما أن أحدنا ينظر في سيرة أحد صالحينا كسلمان الفارسي وأبي الدرداء وكالربيع بن خثيم وداود الطائي فينشِّطه ذلك لفعل الخير.

وقد يُقال: إنَّ هذا في نفسه خيرٌ ومعونةٌ على الخير [س ٥٢/أ] إذا صرفنا النظر عن التصوير واتِّخاذ الصور، ولا سيَّما وقد تحرَّزوا عن جَعْل التمثال في القبلة، ولكن الشيطان لا يحب الخير ولا يعين عليه، وإنما قصد أن يكون ذلك ذريعة لإضلال خَلَفِهم حيث رقَّاهم من مجرَّد التذكُّر إلى التبرك والعبادة.

ونصب التماثيل للذكرى أمر معروف الآن عند الغربيّين ومقلِّديهم من الشرقيّين، فلا تكاد تدخل بيتًا إلا وجدتَ فيه تماثيل أسلاف أهل ذلك البيت، بل لم [يزل ذلك عادة لغير المسلمين قديمًا، ولكنه في] (٢) هذا العصر أكثر.


(١) كذا في الأصل.
(٢) ما بين المعقوفتين لم تظهر أكثر كلماته، واستعنت في تقديره بكلام مضروب عليه في نهاية يمين الصفحة.