للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفيد؛ لأنه يقول: أنا لم أدَّع أنِّي ربُّ الشمس.

فالوجه الثاني (١) ــ والله أعلم ــ هو الصواب.

وعليه، فالنزاع إنما وقع في الإحياء والإماتة اللَّذين يتَسَبَّب فيهما المحاجُّ من القتل أو الاستحياء، فالخليل عليه السلام يقول ما تقدَّم أو نحوه، والمحاجُّ يقول: بل أفعل ذلك بمشيئتي وإرادتي وقدرتي ولا يحول بيني وبين ذلك أحد, كأنه كان يزعم أن الله عزَّ وجلَّ مهمِل للناس في الحال يعملون ما يشاؤون, أو أنه فوَّض إليه التدبير الذي تصل إليه قدرته ولا يعترض في شيء منه، وهذا أقرب؛ لأن الله تعالى علَّل محاجَّته لإبراهيم بقوله: {أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ}.

وكثير من المغترِّين يحتجُّون على رضوان الله عنهم وحبه لهم ومكانتهم عنده بأنه أنعم عليهم في الدنيا، وسيأتي إيضاح ذلك في الكلام على فرعون (٢)، فكأن المحاجَّ يزعم أن الله تعالى فوَّض إليه التدبير الذي تصل إليه قدرته ولا يعارضه في شيء بدليل أن آتاه الملك. والله أعلم.

فانحصر الجواب ــ والله أعلم ــ في أمرين:

الأول: أن يقول الخليل عليه السلام: فأحضِرْ إنسانًا تريد قتله فاقتله، وآخر تريد أن تطلقه فأطلقه، فيحضرهما، ويأمر بقتل الأول، فيحُول الله عزَّ وجلَّ بينه وبينه، ويأمر بإطلاق الآخر فيميته الله عزَّ وجلَّ.


(١) يعني: كون المحاجِّ هدَّد إبراهيم عليه السلام بالقتل إن لم يطعه، ووَعده بالاستحياء إن أطاعه.
(٢) انظر: ص ٧٠٣ - ٧٠٤.