للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: وهو الظاهر والموافق لآيات أخرى في المعنى.

وفي الدرّ المنثور: وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا} أي: شركاء، {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} أي يحبون آلهتهم كحب المؤمنين لله إلخ (١).

وفيه بيان ما قدَّمناه أن الأنداد بمعنى الآلهة من دون الله تعالى.

[س ٨٣/ب] (٢) الأشخاص الخياليَّة.

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} [إبراهيم: ٢٨ - ٣٠].

لا يصلح هنا تفسير الأنداد بالمتبوعين من الإنس؛ لأن الجاعلين هم المتبوعون, كما يدلُّ عليه قوله: {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ}، وقوله: {لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ}، وقد فسر عمر وعلي وابن عباس وغيرهم (الذين أحلُّوا) بصناديد المشركين من قريش (٢)، وهو موافق لما قدَّمنا.

نعم، يمكن [س ٨٤/أ] أن يقال: إن صناديد المشركين من قريش جعلوا مَن تقدَّمهم من الناس كعمرو بن لحيٍّ وغيره من آبائهم أندادًا لله، يطيعونهم كطاعته، فلا مانع من أن يكون المراد بالأنداد في الآية المتبوعين من البشر أيضًا، والله أعلم.


(١) الدرّ المنثور: ١/ ٤٠١.
(٢) انظر: تفسير الطبري ١٣/ ٦٦٩ وما بعدها.