للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن هذه الصفة لا تقال في المعدوم وهي الإناث الخياليات (١)، ولا تصدُق على الملائكة أو الشياطين لأنهم قد يستطيعون الاستنقاذ من الذباب كالآدميِّين على الأقلِّ، اللهمَّ إلَّا أن يُقال: إنَّ المراد: لا يستنقذوه منه بقدرة ذاتيَّة لهم أي بغير إذن الله تعالى؛ لأنَّ الكلام إنما هو في قدرة تؤهِّلُهم لأَنْ يُدْعَوا من دون الله تعالى، ويؤيَّد هذا بأنَّ الضمائر ضمائرُ العقلاء.

وقد جاءت آيات في الملائكة وفي المسيح عليه السلام وفي الشياطين أنهم لا ينفعون ولا يضرُّون، والمراد بغير إذن الله تعالى, فلماذا لا يُحْمَل ما هُنا على ذلك؟ بل إنَّ عمومَ سَلْبِ النفع والضر يتناول سَلْبَ الاستنقاذ من الذباب.

وعلى هذا فقوله: {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}، المراد به الضعف الذاتيُّ؛ فإنَّ الملائكة وغيرهم متَّصفون بالضَّعف الذاتيِّ، وما كان لهم مِن قدرة فليست ذاتيَّة، وإنما هي موهوبة من الله تعالى ومحصورة فيما يأذن به.

ومما يؤيد أنّ المراد الملائكة/ (٢) السياق: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ}، أي والله أعلم: أنَّ أكابر الملائكة ليسوا إلَّا رسلًا يصطفيهم الله تعالى كما يصطفى الرسل من الناس، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، كقوله في آية الكرسي: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}، والمراد سيأتي إن شاء الله تعالى.

وقال صاحب روح المعاني (٣) في تفسير الآية: "والآية وإن كانت نازلة


(١) هنا خط كأنه يشير إلى ملحق لم أهتد إليه، والكلام متَّصل.
(٢) هنا بداية ملحق متصل بالصفحة السابقة.
(٣) ١٧/ ٢٠٢.