للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا هو السبب الباعث على اتخاذ الأصنام بأسامي الأشخاص المعظَّمة من الأنبياء والعلماء [والملائكة مذكِّرة أمرهم] (١) عند الغيبة والموت مبقية آثار تعظيمهم في القلوب لدى الفوت إلى أن طال العهد بعامليها، ودارت القرون والأحقاب عليها، ونُسيت أسبابها ودواعيها، وصارت رسمًا وسنة مستعملة، ثم داخلهم أصحاب النواميس من بابها؛ إذ كان ذلك أشدَّ انطباعًا فيهم فأوجبوه عليهم، وهكذا وردت الأخبار فيمن تقدَّم عهد الطوفان وفيمن تأخر عنه، وحتى قيل: إن كون الناس قبل بعثة الرسل أمة واحدة هو على عبادة الأوثان (٢).


(١) محله في الأصل بياض واستدرك من طبعة دائرة المعارف.
(٢) النصوص تشهد ببطلان هذا القول، فقد قال تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [يونس: ١٩]. فتوعَّد الله على الاختلاف لا على الاجتماع، ولو كان اجتماعهم قبل الاختلاف كان على الكفر ثم آمن بعضهم لكان الوعد في ذلك الحال أولى بحكمة الله من الوعيد. ويمتنع أن يتوعَّد الله في حال الإيمان والتوبة دون حال اجتماع الجميع على الكفر والشرك. انظر: تفسير الطبري ٣/ ٦٢٦ وهذا القول مخالف لما صحَّ عن ابن عباس أنه قال: كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، قال: وكذلك هي في قراءة عبد الله: {كان الناس أمةً واحدةً فاختلفوا}. رواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٥٤٦ - ٥٤٧ وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. ومخالف أيضًا لحديث عياض بن حمار في الحديث القدسي: "إِنِّى خَلقتُ عبادي حُنَفَاء كُلَّهُم وإِنَّهُم أَتَتهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجتَالَتهُم عن دينهم وحرّمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بى ما لم أنزل به سلطانا". انظر صحيح مسلم، كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصّفات الّتي يعرف بها في الدّنيا أهل الجنّة وأهل النّار ٨/ ١٥٨ ح ٢٨٦٥.