الأول: أنهم يطلقون القول بعذر المشركين الذين هلكوا قبيل بعثة محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وآبائهم وأجدادهم فصاعدًا، وقضية ذلك: أن شريعة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام اندرست قبل أن يشرك أحد من العرب، وهذا قول لا دليل عليه، بل الدليل قائمٌ على خلافه».
انتهت هذه القطعة بهذه العبارات، ومن حقِّك أن تسأل ما هذا الدليل الذي يريد الشيخ أن يذكره؟ وأين الوجه الثاني من الوجهين اللذين ذُكِر الأوَّل منهما؟ والجواب تجده في بداية «رسالة في العقيدة، ناقصة الأخير»، إذ يذكر الشيخ الدليلَ القائمَ على بقاء شريعة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وعدم اندراسها حتى غيَّرها عمرو بن لُحَيٍّ، ثمَّ يذكر الوجه الثاني من وجهي خطأ القائلين باندراس تلك الشريعة، قال الشيخ:
«فقد ثبت عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: «رأيتُ عمرو بن لُحَيِّ بن قَمَعة بن خِندِفَ أخا بني كعبٍ هؤلاء يجرُّ قُصْبه في النار»، وفي روايةٍ:«وكان أول من سيب السيوب».
.. الوجه الثاني: أنهم يطلقون العذر فشمل العذر في الشرك والعذر في المعاصي وذلك يقتضي أحد أمرين: إما أنهم يرون أن الشريعة إذا اندرس بعضها سقط التكليف بباقيها، وإما أن يزعموا أن شريعة إبراهيم عليه السلام كانت قد اندرست بجميع فروعها، ولا أرى عاقلا يُقْدِمُ على الأول ولا عارفًا يُقْدِمُ على الثاني».
وبعد أن وقفتَ على التسلسل والترابط المنطقي بين هذه القطع الثلاث أزيدك أنها متسلسلة الأرقام من ص ١ إلى ص ٥٢ بترقيم المؤلِّف.
ووضعتُ هذه الرسائل الثلاث بعد نهاية الباب الثاني «باب في أنَّ