للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وآله وسلم بنحو ثلاثة أشهرٍ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣] (١).

فما لم يكن دينًا في حياة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا يكون دينًا بعده، والكلام على هذه الآية وهذا المعنى ونقل كلام السلف من الصحابة والتابعين وأئمَّة الدين مبسوطٌ في موضعٍ آخرٍ (٢).

فالدين إنما يؤخذ من كتاب الله عزَّ وجلَّ وسنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يقل أحدٌ من أهل العلم: إن الدين يُؤخذ بالتجربة، ولكن كثيرًا ممَّن يُظَنُّ بهم الصلاح وهم عن حقيقة الدين غافلون أخذوا يشرعون في دين الله عزَّ وجلَّ بغير إذنه، ويعتمدون في ذلك على التجربة.

ولقد دار بيني وبين بعض الناس كلامٌ سأذكره مع زيادةٍ في جوابي، سألني عن وضعٍ أظفار الإبهامين على [٤٠٨] الشفتين والعينين عندما يقول المؤذِّن: (أشهد أن محمَّدًا رسول الله)، فقلت: بدعةٌ، وقد علَّمنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ما نقوله عند سماع الأذان وبعده، فنجد أكثر الناس تاركين لذلك، محافظين على هذا الفعل، وهذا شأن البدع؛ لأن الشيطان يحرص على أن يشغل الناس بها، ويقنعهم بها عن العبادات، فقال السائل: فهل ورد حديثٌ في هذا الفعل؟ قلت: قد رُوِي في ذلك حديثٌ نصَّ الأئمة على أنه كذبٌ موضوعٌ ليس من قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.


(١) يشير إلى ما أخرجه البخاريُّ في كتاب الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه، ١/ ١٨ ح ٤٥. ومسلمٌ في كتاب التفسير، ٨/ ٢٣٨، ح ٣٠١٧، من حديث عمر رضي الله عنه، وفيه أنه قال: (نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفاتٍ في يوم جمعةٍ).
(٢) انظر: «تحقيق الكلام في المسائل الثلاث»، المسألة الثانية: السنة والبدعة ص ١٤٧ - ١٥٩.