للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} يدلُّ على اعترافهم بالله تعالى، وتعقيبُ قصَّتهم بأمر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لمشركي العرب: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، أي: الملائكة ــ كما يدل عليه السياق، وقد تقدم بيانه (١) ــ يُشعرُ بأنَّ شرك سبأ كان مشابهًا لشرك قريشٍ، فيؤخذ من ذلك أنَّ سبأ كانوا يعبدون الشمس لأجل الملائكة، كما مرَّ في الصابئة، والله أعلم.

وفي فهرست ابن النديم في ذكر ديانات الهند: «منهم أهل ملَّة الدينكيتيَّة، وهم عُبَّاد الشمس، قد اتَّخذوا لها صنمًا على عَجَلٍ، ويزعمون أن الشمس مَلَكٌ من الملائكة يستحقُّ العبادة والسجود، فهم يسجدون لهذا الصنم ...

أهل ملَّة الجَنْدربَهكْتِيَّة، وهم عُبَّاد القمر، يقولون: إن القمر من الملائكة يستحقُّ التعظيم والعبادة، ومن سننهم أن اتَّخذوا له صنمًا على عجلٍ ... ولا يفطرون حتى يطلع القمر، ثم يأتون صنمه بالطعام والشراب واللبن، ويرغبون إليه وينظرون إلى القمر ويسألونه حوائجهم ... وفي نصف الشهر إذا فرغوا من الإفطار أخذوا في الرَّقص [٤٢٧] واللعب والمعازف بين يدي القمر والصنم» (٢).

أقول: والوثنيُّون في الهند إلى الآن إذا طلعت الشمس استقبلوها وحنوا رؤوسهم إليها وطبَّقوا أيديهم ووضعوها على جباههم وهي تحيَّة يُحَيُّون بها ملوكَهم وأكابرَهم، والعوامُّ من المسلمين في الهند يحيُّون بها أو بنحوها


(١) انظر ص ٥٢٥ - ٥٢٧.
(٢) الفهرست لابن النديم ٤٨٨ - ٤٨٩.