للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى أبو داود عن أبي أمامة قال: خرج النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم متكئًا على عصا، فقمنا له فقال: «لا تقوموا كما يقوم الأعاجم، يعظِّم بعضهم بعضًا» (١).

وأخرج الترمذيُّ عن أنسٍ قال: «لم يكن شخصٌ أحبَّ إليهم من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا؛ لما يعلمون من كراهته لذلك»، قال الترمذيُّ: «هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه» (٢).

وفي صحيح مسلمٍ عن جابرٍ: اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلَّينا وراءه وهو قاعدٌ، وأبو بكرٍ يُسْمِعُ الناسَ تكبيرَه، فالتفت إلينا فرآنا قيامًا، فأشار إلينا فقعدنا، فصلَّينا بصلاته قعودًا، فلما سلَّم قال: «إن كدتم آنفًا لتفعلون فعل فارس والروم؛ يقومون على ملوكهم وهم قعودٌ، فلا تفعلوا، ائتمُّوا بأئمتكم، إن صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، وإن صلَّى قاعدًا فصلُّوا قعودًا» (٣).

جزم ابن حِبَّان بأنَّ هذه الواقعة هي التي في مرض موته - صلى الله عليه وسلم -، والمسألة مشهورةٌ، والحقُّ أن هذا الحكم باقٍ لم يُنسَخ، وقد جاء عن جماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم أنهم صَلَّوا قعودًا وهم أئمَّةٌ، فأمروا مَن خَلْفَهم بالقعود، [٤٨٥] وأنت خبيرٌ أن المأموم لو قام لا يقوم تعظيمًا لإمامه، ولكن


(١) سنن أبي داود، الموضع السابق، ٢/ ٣٥٥، ح ٥٢٣٠. [المؤلف]. وأخرجه أحمد في المسند ٥/ ٢٥٣, وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة ١/ ٣٥١ برقم ٣٤٦.
(٢) جامع الترمذيّ، الموضع السابق، ٢/ ١٢٥، ح ٢٧٥٤. [المؤلف]
(٣) صحيح مسلمٍ، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، ٢/ ١٩، ح ٤١٣. [المؤلف]