للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فمن ذلك ما هو في مصلحةٍ عامَّةٍ تتناول السائل وغيره، وهذا قد وقع من بعض أكابر الصحابة، كما رُوِي عن أبي هريرة أو أبي سعيدٍ قال: لما كان غزوة تبوك أصاب الناسَ مجاعةٌ، قالوا: يا رسول الله، لو أذِنْتَ لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادَّهنَّا، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «افعلوا»، قال: فجاء عمر، فقال يا رسول الله، إن فعلتَ قلَّ الظَّهْرُ، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم، ثم ادع الله لهم عليها بالبركة، لعلَّ الله أن يجعل في ذلك ... الحديث (١).

ومنه ما هو لبعض أقارب السائل، كقول أمِّ أنسٍ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، خادمك أنسٌ؛ فادع الله له، فقال: «اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته» (٢).

وفي روايةٍ: فدعا لي رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ثلاث دعواتٍ، قد رأيتُ منها اثنتين في الدنيا، وأنا أرجو الثالثة في الآخرة (٣). أقول: والثالثة هي قوله: «وأَدْخِلْهُ الجنَّة» (٤) صرَّح بِها في روايةٍ ــ كما في الإصابة ــ، على أنها لم تصرِّح بسؤال الدعاء [٥١٩] لمصلحة دنيويَّةٍ، ولكن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) صحيح مسلمٍ، كتاب الإيمان، بابٌ مَن لقي الله بالإيمان وهو غير شاكٍّ فيه دخل الجنَّة ... ، ١/ ٤٢، ح ٢٧ (٤٥). [المؤلف]
(٢) صحيح مسلمٍ، كتاب فضائل الصحابة، بابٌ مَن فضائل أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، ٧/ ١٦٠، ح ٢٤٨١. [المؤلف]. وقد أخرجه البخاريُّ في كتاب الدعوات، باب قول الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ... ، ٨/ ٧٣، ح ٦٣٣٤، ومواضع أخرى.
(٣) صحيح مسلمٍ، الموضع السابق، ٧/ ١٦٠، ٢٤٨١ (١٤٤). [المؤلف]
(٤) زيادةٌ يقتضيها السياق، والرواية بهذه الزيادة أخرجها عبد بن حميدٌ في مسنده (المنتخب ٣/ ١٢٧، ح ١٢٥٣)، وانظر الإصابة ١/ ٢٥٥.