للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا الجنُّ فإنهم وإن كانوا يتصرَّفون بهواهم واختيارهم، إلَّا أنَّ تَعَرُّضَهُم للبشر بالإيذاء بغير الإضلال كالنادر، وقاصر على أمور خفيفة، والناس محفوظون منهم، ولكن ربما ترك الله عزَّ وجلَّ حفظ الإنسان منهم لحكمة يعلمها فيستطيعون حينئذ العبث به، وذلك من الابتلاء، فإذا استغاث الإنسان بربِّه أغاثه منهم، وإن خضع للشياطين هلك.

وقد أغنى الله المسلمين عن سؤال الجنّ بدعائه تبارك وتعالى.

وفي الصحيح عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك» (١)، وفي سنن أبي داود وغيره من حديث ابن مسعود سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الرقى والتمائم والتِّوَلة شرك» (٢)، وسيأتي بسط الكلام عليه إن شاء الله تعالى (٣).

قال العلماء: كان يقع في رقى أهل الجاهلية سؤال وتعظيم لغير الله عزَّ وجلَّ وخاصة الشياطين، فذلك هو الشرك، وسيأتي تحقيق الكلام في الرقى إن شاء الله تعالى.

نعم؛ لو فرضنا أنَّ إنسانًا ظهر له جنِّيٌّ فشاهده وشاهد تصرُّفه فطلب منه ما عرف قدرته عليه فقد يقال: إنَّ هذا كسؤال الناس بعضهم من بعض. والله أعلم.


(١) مسلم، كتاب السلام، بابٌ: «لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شركٌ»، ٧/ ١٩، ح ٢٢٠٠. [المؤلف]
(٢) سنن أبي داود، كتاب الطبِّ، بابٌ في تعليق التمائم، ٣/ ١٨٦، ح ٣٨٨٣. [المؤلف]
(٣) في الباب الخاصِّ بها ص ٩٥٥ - ٩٥٨.