للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى. والعاشق لا يطلب بتعظيم منزل معشوقته نفعًا غيبيًّا فليس فعله بعبادة أصلًا.

وبعبارة أخرى: أنتم كذبتم على الله عزَّ وجلَّ، وكذَّبتم رسله، والمسلمون صدقوا على الله تعالى، وصدَّقوا رسله، والعاشق لا صدّق ولا كذّب. وقد قال تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: ٣٢ - ٣٣].

وأيضًا أنتم تفتاتون على الله عزَّ وجلَّ، بجعل ما هو حقٌّ له مِن شَرْع الدين والتعظيم على سبيل التديُّن لغيره، بغير إذنه.

وأيضًا أنتم سوّيتم الأصنام بربِّ العالمين، حيث زعمتم أنها تستحقُّ العبادة استحقاقًا يستقلُّ العقلُ بإدراكه، وهذا هو التأليه، ولذلك كان مشركو العرب يعظِّمون الكعبة والحجر أشدَّ مما يعظمون أصنامهم، ومع ذلك يطلقون على الأصنام آلهة، ويقولون: إنهم يعبدونها، ولا يطلقون على الكعبة والحجر الأسود لفظ الإله، ولا يقولون: إنهم يعبدونهما، وما ذلك إلَّا لأنَّهم يعلمون أن تعظيمهم للكعبة ليس مستندًا إلى العقل، وإنما هو مستند إلى أمر الله عزَّ وجلَّ المنقول إليهم بالتواتر عن إبراهيم رسول الله وخليله عليه السلام، فهم يعظِّمونها طاعةً لله عزَّ وجلَّ لأمره الذي [٥٦٩] عندهم به سلطان.

وأمَّا تعظيم الأصنام فهو شيء استُنْبِط بالخرص والتخمين، فكما أن العقل يستقلُّ بإدراك استحقاق الله عزَّ وجلَّ للتعظيم ادَّعوا أنه يستقلُّ بإدراك