وأما قولنا لمملوك زيد: هذا عبد زيد فليس كذلك، وكذلك لو توهِّم في رجل أنه مملوك لزيد فقيل: هذا عبد زيد ثم لصقت به هذه الكلمة لقبًا كما وقع لعبد المطلب كما مرّ. ولو قيل لرجل: سمِّ ولدك عبد المسيح وإلا لم يعش، فسماه عبد المسيح ليعيش لكان من الأوَّل؛ لأن في هذه التسمية تعظيمًا طُلِب به نفع غيبي وهو أن يعيش الولد، اللهم إلا أن يكون أعجميًّا فيقال له: إنَّ المسيح اسم من أسماء الله عزَّ وجلَّ، فإن هذا يعذر. وكذا إذا تسلَّط عليه إنسان ظالم قال له: سمِّ ولدك عبد المسيح وإلا قتلته، فسماه عبد المسيح كارهًا لذلك عازمًا على أنه إذا تخلَّص من سطوة هذا الظالم غَيَّرَ ذلك الاسم، فإنَّ هذا يُعْذَر؛ لأنه مُكْرَهٌ.
وكذا فيما يظهر/لو تمثَّل له شيطان فقال له: سمِّ ولدك عبد المسيح وإلا قتلته وأنت ترى, فامتنع, فأخذ الولد فخنقه وأبوه يرى, فقال: دعه وأنا أسميه بذلك، فإنَّ الشيطان المشاهَد لا فرق بينه وبين الإنسان. ويبقى النظر فيما إذا تمثل له شيطان، فقال له: سمِّ ولدك الذي في بطن أمه عبد المسيح وإلَّا قتلته في بطن أمه، أو قال له: سمِّ ولدك هذا الذي قد وُلِدَ عبد المسيح وإلا دخلت في جسده فصرعته. والفرق بين هذا وبين الذي قبله أن تسلُّط الشيطان على الحمل أو على الإنسان بأن يدخل في بدنه ويصرعه أمر غير محسوس، فهذه الصورة تشبه من جهةٍ الشيطانَ المتمثِّلَ الذي يباشر الإيذاء بالمشاهَدة، وتشبه من جهةٍ ما لو أَخَذَ إنسان يعظِّم الشياطين ولم يشاهدهم لئلا يؤذوه أو يؤذوا أولاده. وقد يقرِّبها من الأول أن يقع في المحسوس ما يظهر منه قدرة الشيطان المتمثل على ما يهدِّد به كأن يهدِّد بقتل الحمل أول مرة فيموت الحمل وثانية فيموت أو بصرع المولود فيصرع ويموت، ثم بصرع الثاني فيصرع ويموت.