للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ} [هود: ٧٤ - ٧٦].

فالخليل عليه السلام كان يرجو أن يؤمن القوم، أو يخرج من أصلابهم مَن يؤمن، ولذلك لما عرض على خاتم الأنبياء - صلى الله عليه وسلم - عذاب قومه قال: «بل أرجو أن يُخْرِج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا». الحديث في الصحيحين (١).

ولو علم إبراهيم أنَّ قوم لوطٍ لا يؤمنون ولا يلدون مؤمنًا لدعا عليهم، وكذلك محمد صلَّى الله وسلَّم عليهم أجمعين، كما فعل نوح عليه السلام، قال الله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: ٣٦]، فلذلك ــ والله أعلم ــ دعا عليهم كما قال تعالى: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٦ - ٢٧]. (٢) /ومما يشبه قصَّة إبراهيم عليه السلام قصَّة نوح إذ قال: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (٤٥) قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٤٦) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي


(١) صحيح البخاريِّ، كتاب بدء الخلق، بابٌ: «إذا قال أحدكم: آمين ... »، ٤/ ١١٥، ح ٣٢٣١. ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من الأذى، ٥/ ١٨١، ح ١٧٩٥. [المؤلف]
(٢) ملحق ص ٥٩٣. [المؤلف]