للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرط، فيقال: إذا كان النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال هذا فهو حق وأنا أومن به.

ومن العجب أن الَّذين خاضوا فيها استدلُّوا فيها بشبهات عقلية ليست من الضرب الأول ولا من الضرب الثاني، بل هي من باب الظن الممنوع الاحتجاج به مطلقًا، وهو الخرص والتخمين، كما اعترف به أكابرهم كالغزالي وإمام الحرمين والشهرستاني والفخر الرازي في آخر أمرهم. ومَنْ تأمَّل أصولهم التي يبنون عليها العقليات عَلِم أنها بغاية الضعف، وإنما يرجعون إلى تقليد أرسطو وابن سينا مع أنه قد جاء عن أرسطو أنه قال: لا سبيل في الإلهيات إلى اليقين، وإنما الغاية القصوى فيها الأخذ بالأليق والأولى، حكاه علاء الدين الطوسي (١) في (الذخيرة) (٢). وجاء نحو هذا عن بعض أكابر الآخذين عن ابن سينا. والله أعلم.

[٦٠٧] إذا تقرَّر هذا فاعلم أن النظر في العبادة إذا كان في معرفة حقيقتها من حيث هي فهو من القسم الأول، كما تقدمت أدلته في أوائل الرسالة، فلا بدَّ من علم اليقين فيه، فإن لم يتيسَّر اليقين لزم الاحتياط، وإن كان في عمل مخصوص أَعبادة لله عزَّ وجلَّ هو أم لا؟ فهو من القسم الثاني، فيكفي فيه دليل من الضرب الثاني، وعلى هذا جرى العمل في عهد النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وما بعده.


(١) علاء الدين الطوسي: علي بن محمد البتاركاني الطوسي الحنفي أحد أفراد علماء سمرقند, فقيه حنفي، له «الذخيرة في المحاكمة بين تهافت الفلاسفة للغزالي والحكماء لابن رشد»، توفي سنة ٨٧٧ هـ. الفوائد البهية، ١٤٥، الأعلام ٥/ ٩.
(٢) ص ١٠. [المؤلف]