للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مخالفته للإجماع كذب على الله وعلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم؟ وقد نبهنا مرارًا (١) على أن القرآن قسم الكفر إلى قسمين: الكذب على الله والتكذيب بآياته.

فإن قلت: فالمدار على عدم خبر الواحد مثلًا أم على مخالفة الإجماع؟

قلت: المدار في الحقيقة على الكذب على الله أو التكذيب بآياته، ومنه تكذيب رسوله.

فإن قلت: نعم، ولكن يشترط في تكفيره قيام الإجماع على أنه كاذب أو مكذِّب, أم يكفي في ذلك أنه لا دليل عنده؟

قلت: الأمران متلازمان؛ فإنه إذا تعبد بما لا دليل له على أنه عبادة فقد كذب على الله إجماعًا، وإن عمل عملًا مبطلًا في الصلاة إجماعًا ثم أنكر أن تجب عليه الصلاة إلا كذلك فقد كَذَّب الرسول إجماعًا.

فإن قلت: قد يُنْقل عن بعض السلف قول [٦٠٩] لا نعلم له دليلًا ولكنه يمنع عند كثير من الأصوليين كون القول المخالف له مجمعًا عليه, ولم يتحقق إجماع قبل ذلك القائل, فما الحكم فيه؟ وما الحكم فيمن يقول بقوله من الخلف مع اعترافه بأنه لا دليل له؟

قلت: أما القائل الأول من السلف فإننا نحسن الظن به؛ لأنّا وإن لم نعلم له دليلًا فلعله قامت عنده شبهة ظنها دليلًا، وكانت تلك الشبهة قوية يعذر صاحبها، اللهم إلا أن يثبت عنه ما يَسُدُّ علينا طريق حسن الظن به. وأما الموافق له من الخلف فإن اعترف بأنه لا دليل له على قوله فلا ينفعه موافقته.


(١) انظر ص ٩٠٣ مثلًا.