للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وأعتدت لَهُنَّ متكأ} أَي هيأت لَهُنَّ مجَالِس يتكئن عَلَيْهَا من نمارق ومسانيد {وآتت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ سكينا} ليقطعن مَا يحْتَاج إِلَى التقطيع من الْأَطْعِمَة قيل وَكَانَ من عادتهن أَن يأكلن اللَّحْم والفواكه بالسكين وَكَانَت تِلْكَ السكاكين خناجر {وَقَالَت اخْرُج عَلَيْهِنَّ} أَي فِي تِلْكَ الْحَالة الَّتِي هن عَلَيْهَا من الإتكاء وَالْأكل {فَلَمَّا رأينه أكبرنه} أَي أعظمنه وَقيل هبنه وَقيل دهشن من شدَّة جماله وَقيل أمذين وَقيل حضن وَالْأول أولى قَالَ الرَّازِيّ وَعِنْدِي أَنَّهُنَّ إِنَّمَا أكبرنه لِأَنَّهُنَّ رأين عَلَيْهِ نور النُّبُوَّة وسيماء الرسَالَة وشاهدن فِيهِ مهابة ملكية وَهِي عدم الِالْتِفَات إِلَى المطعوم والمنكوح وَعدم الِاعْتِدَاد بِهن فتعجبن من تِلْكَ الْحَالة فَلَا جرم أَنَّهُنَّ أكبرنه وعظمنه واحترمنه {وقطعن أَيْدِيهنَّ} أَي جرحنها حَتَّى سَالَ الدَّم وَقيل المُرَاد بِالْأَيْدِي هَهُنَا أناملهن وَقيل أكمامهن وَعَن مُنَبّه عَن أَبِيه قَالَ مَاتَ من النسْوَة تسع عشرَة امْرَأَة كمدا {وقلن حاش لله مَا هَذَا بشرا} إِنَّمَا نفين عَنهُ البشرية لِأَنَّهُ برز فِي صُورَة قد لبست من الْجمال البديع مَا لم يعْهَد لأحد من الْبشر وَلَا أبْصر المبصرون مَا يُقَارِبه فِي جَمِيع النَّسمَة البشرية {إِن هَذَا إِلَّا ملك كريم} على الله لِأَنَّهُ قد تقرر فِي الطباع وركز فِي النُّفُوس أَنهم على شكل فَوق شكل الْبشر فِي الذوات وَالصِّفَات وَأَن لَا شَيْء أحسن من الْملك وَأَنَّهُمْ فائقون فِي كل شَيْء كَمَا تقرر أَن الشَّيَاطِين على الْعَكْس من ذَلِك إِذْ لَا شَيْء أقبح مِنْهُم وَالْمَقْصُود من هَذَا إِثْبَات الْحسن الْفَائِق الباهر المفرط ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام

{قَالَت فذلكن الَّذِي لمتنني فِيهِ} قَالَت لَهُنَّ هَذَا لما رَأَتْ افتتانهن بِيُوسُف إِظْهَارًا لعذر نَفسهَا وَمعنى فِيهِ فِي حبه {وَلَقَد راودته عَن نَفسه فاستعصم} أَي استعف واستعصى وَامْتنع مِمَّا أريده طَالبا لعصمة نَفسه عَن ذَلِك

(كرمن آلوده دامنم جه عجب ... همه عَالم كواه عصمت أوست)

<<  <   >  >>