غول شنيع لأنه لا يريها وجهه وما زالتا بها بها حتى جعلتاها تقوم في إحدى الليالي وقد أوى زوجها إلى مضجعها فتشعل مصباحا دون صوت، وتقربه من وجهه، ويا لعجب ما رأت! إنه أجمل وجه في الدنيا وهو وجه إيروس بعينه الذي أغفى وقد ترك أقواسه وجعبته إلى جانب السرير، وعندها لم تعد تملك بسيشه نفسها من الفرح فسقطت من المصباح نقطة زيت على كتف الإله، فهب من نومه مرتاعا وقرّع بسيشه على حنثها بيمينها واختفى فلم تعد تراه.
وتوارى كذلك القصر عن عيني بسيشه ووجدت نفسها على الصخرة التي حملت منها، فلم تستطيع أن تعتاد عل فقدان ما فقدت فألقت نفسها في مياه نهر يجري بالقرب من الجبل، بيد أن المياه حملتها إلى الضفة الثانية برفق زائد، ولما أعيتها الحيل في الموت سارت هائمة على مجهها، وهنا تصبح عرضة لغضب إفروديت فتبلى بمصائب كثيرة كانت تتخلص منها بفضل معاونة (إيروس) السرية لها، وأخيرا توجب عليها الآلهة أن تنزل إلى الجحيم فتكفر عن ذنوبها، ويتأثر زوجها من ندمها لأنه لم يكف عن حبها، فيطير إلى (زوث) ويتضرع إليه أن يعفو عنها وأن يأذن له بالإتحاد بها، فيرضى رب الأرباب ويمنح بسيشه الخلود وننسى أفروديت حقدها ويزف إيروس إلى التي هام بها ويقيم وإياها في الأولمب.
وقد ساهم الفن الإغريقي في إيضاح مفهوم بسيشه وعبر عن كل الأفكار الفلسفية التي نشأت منها أسطورتها بأشكال وألوان جمعت فكانت من أجمل ما تخيلته العبقرية الهلنية، وأول ما مثل كانت النفخة غير المرئية التي تفارق الجسم الإنساني عند الموت فصورت على جذوع الآنية الفخارية المطلية بلون مقتول، ولم يكن شكلها هذا يختلف كثيرا عن أشكال بعض الكائنات الميثولوجية الثانوية كال (سيرين والهاربي) التي كانت تمثل على شكل عصافير لها رؤوس بشرية، ولم تعط بسيشه في الفن غير هذه الصورة حتى حان العهد الهلنسي فجعل الفنانون يمثلون حوادث الأسطورة على أشكال شتى، فكانوا يتصورون على شكل امرأة شاحبة حالمة قلقة، الروح التي نزلت من مستواها الإلهي وأصبحت فريسة للأهواء والنزوات النفسية. وقد افتنوا في التعبير عن هذا الموضوع بأشكال مختلفة، ففي أحد التماثيل الفخارية الصغيرة ترى امرأة شابة لها جمال رائع قد صففت شعرها ورفعته