الأزمة، إلا صورة خاصة وضرورية لهذه المرحلة من الحياة.
أما انبثاق هذه الأزمة الفجائية فترجع إلى أسباب متباينة، منها المهم ومنها التافه:
موت شخص عزيز أو بعده أو تغير فجائي في الحياة أو خيبة أمل، أو إخفاق في فحص، أو حب مخذول، أو ملاحظة أستاذ، أو نزهة في الهواء الطلق والحقول.
إن تحديد ظهور الأزمة وإرجاعها إلى أسباب يفيدنا في معرفة الزمن الذي انفجرت به وأصبحت مرئية ظاهرة. غير أن الأسباب الجوهرية هي أعمق وأبعد من أن تكون ظاهرة عرضية، فهي اضطرابات نفسية سابقة وداخلية. وعندما تصادف المراهق صعوبة ما وصدمة تنفجر نفسه بصورة فجائية وعنيفة عن أزمة غريبة. .
كتب شاتوبريان في مذكراته بأن المرء ينام طفلاً ويستيقظ رجلاً. لا شك في ذلك، إذ أن الأزمة تنمو بصورة خفية قبل بزوغها يدعمها شعور ذاتي ضعيف يستولي بصورة تدريجية على ساحة الشعور، ويهز كوامن النفس العميقة والمستترة وحينذاك يسمح لنا بالكلام عن أزمة حقيقية. وما قول نيتش بأنها تتولد أنياً إلا محض وهم يتصوره تفكير الراشد الذي ابتعد عن حياة المراهقة.
ويمكننا أن نجمع الأشكال المختلفة التي تظهر بها الأزمة بفكرتين أساسيتين:
- الرغبة في إدهاش الغير - الشعور بالذات وتكوين الشخصية.
أما الميل إلى إدهاش الناس فإنه يظهر بين ١٤ و ١٦ سنة. يختلف المراهق في تفكيره عن غيره ويتكلم لغة خاصة فيها تعابير مصطنعة تعجب من حوله. وبعد انتهاء هذه المرحلة تبدأ مرحلة التثقيف الذاتي وهي سن الرجوع إلى النفس، والخلوة، حيث يكتشف المراهقون والمراهقات، وهم معجبون، تلك الثروة الفكرية الثمينة التي يملكونها.
تتلاشى الأزمة رويداً رويداً حوالي التاسعة عشرة حتى الواحدة والعشرين، ليحل محلها توازن جديد، ويرجع المراهق على الحال الطبيعي.
ثم قوي، ولا تظهر الرغبة الأولية على شكل حب في الانفراد فحسب بل هي هوىّ ننتقل بعد إن تكلمنا عن الناحية الذاتية للازمة إلى ما يرافقها من ثورة ضد كل من يقف عثرة في سبيل تكوين الشخصية أي ضد البيئة وهذا ما نسميه الشكل الاجتماعي، يقابله الشكل الفردي.