وعليه ولأجل ذلك كله، أرجو أن لا تنتظروا مني البحث عن أساليب التعليم المتبعة في كافة المعاهد الثقافية في أنحاء العالم وفقاً لنظريات ابن خلدون والغزالي وبستالوتزي وفروبل وهربرت سبنر ومونتسوري ودالتن وغيرهم من أساطين فني التعليم والتربية ممن عنوا العناية التامة بأصول تدريس المواد الدرسية من لغات وتاريخ وجغرافيا وفيزياء وكيمياء وهندسة وحساب وسواها، فهذه طرائق ونظم ومناهج معرفة عند الأساتذة والمعلمين الأخصائيين ومن مارسوا مهنة التعليم وستعالج من قبلهم، بل القصد هو السعي وراء ابتكار أساليب وطرائق ونظم جديدة لإيجادهم علاقات البشر بعضهم مع بعض، أثناء تدريس المواد الدرسية على اختلاف أنواعها، ليتمكن البشر من العيش بسلام ووئام، وبذلك تصبح الدروس والعلوم التي يتعلمها الإنسان في المدارس أداة خير لا أداة شر، يتلقنها الطفل منذ نعومة أظفاره فيشب عليها ويحصر جهده وجهوده في سبيل نشرها والسير على غرارها وضمن نطاقها باعتبار أن القضية هي قضية الإنسانية المعذبة التي ضلت الطريق المستقيم ولم تهد إليه حتى الآن، والتي آن لها أن تحطم تلك القيود والأغلال التي تشل حركتها وأن تلقي عن كاهلها تلك الأحمال الثقيلة التي عاقت تقدمها وازدهارها، وأن تنطلق من عقالها وتتنسم نسمات الحياة العليلة الحقيقية وتتمتع بما حبتها به الطبيعة من النعيم الإلهية التي حرمت منها أحقاباً طويلة من الدهر لعدم اهتدائها حتى الآن إلى الطريق المستقيمة المؤدية إليها. وقد لفت نظري بهذه المناسبة جملة قرأتها في إحدى الجرائد وهي كما يلي:
(إن المدنية لا تعيش بعد حرب ذرية)
كتبت الجريدة هذه العبارة بخط ثلث لافت للنظر، وبعبارة أوضح، كتبها بالقلم العريض للفت الأنظار إليها، ولا شك في أنها ذلك لما تضمنته هذه العبارة والمغازي العسيفة التي توجب على كل إنسان أن يفكر فيها تفكيراً جدياً ويفهم ما ترمي إليه من المقاصد والأهداف البعيدة المرمى، ولا سيما وأن هذه العبارة قيلت في خطاب ألقى في حفلة مرور مئة عام تأسيس إحدى الجمعيات وإليكم موجز نص الخطاب:
نيويورك_شهد الرئيس ترومان احتفالات جامعة فورد بمرور مئة سنة على تأسيسها وتلقى