قرأت هذه العبارة الموجزة التي ربما لا تكون لفت أنظار الكثيرين من أبناء هذا العصر المادي، الذي طغت فيه المادة على كل شيء وضربت سداً من الحديد تجاه العقول الجبارة والساذجة. والأدمغة المفكرة والخامدة على حد سواد لمنعها من رؤية أي شيء غيرها في كل نواحي هذه الحياة، وتوجيهها في كل عام عمل يقوم به مخلوق ما على وجه البسيطة، فهي منقوشة في دماغ كل مخلوق على اختلاف أنواعه حتى أصبحت الحركة المحركة لكل ما يحدث في الكون من حركات وسكنات وما يتبعا من أعمال مختلفة لا يمكن عدها.
ولا أريد أن أبحث عن اشتباك مصالح الناس المادية الاقتصادية ببعض بصورة
مفصلة، ولا عن علاقات الأمم والدول والشعوب ومصالحها مع بعض وما ينشأ عن ذلك من التنافس والتطاحن والتناحر والمساعي التي يبذلها كل منهم للحصول على القسم الأعظم من الفائدة وجمع وما يمكنه جمعه من المادة على أية صورة كانت. مما أدى بالبشرية إلى هدم هذه الحياة التاعسة التي يحياها كل من أبنائها بشق الأنفس، وإلى هذه الحالة البائسة التي هم فيها من كد وعمل ودأب متواصل أناء الليل وأطراف النهار، والتوسع في اختراع وابتكار الوسائل المختلفة المؤدية إلى استيلاء كل منها على ما في أيدي الآخرين جميعه وإدخاله في ملكيته وجعله تحت تصرفه، وإيجاد هذا التناحر وهذا التكالب وهذا الحرص على المادة باسم الاقتصاد حباً في الحياة التي ستؤدي بهم جميعاً إلى الدمار والهلاك والفناء والاندثار والاضطراب إلى استعمال القنبلة الذرية التي ستكون سبب نهاية هذا العالم إذا لم يحفل البشر ويفكر التفكير العميق، ويستعمل العقل والحكمة لإيجاد الوسائل الفعالة الموصلة إلى تنشئة علم العلاقات البشرية كما قال المرحوم الرئيس روزفلت، وإذا لم ينتبه إلى الضرورات والتبعات الجديدة الهائلة التي ألقيت على التعليم كما قال الرئيس الحالي ترومان.
نقرأ من يوم لآخر على صفحات الجرائد والمجلات أخبار عقد المؤتمرات والاجتماعات، وتأسيس الجمعيات المختلفة في أكثر أنحاء العالم، ولا سيما بعد انتهاء الحرب الأخيرة، للمذاكرة والسعي وراء الوصول إلى إيجاد حل سلمي للمسائل المشتركة بين الدول والشعوب، وتأمين المصالح بإزالة الخلافات الكثيرة في المسائل والقضايا المختلفة عليها وإيجاد سلم علم يعيش الناس فيه براحة واطمئنان على أنفسهم وأولادهم وذرا ريهم، كما