المعلومات الدالة على صفات الشعوب الخاصة لأن لغتها هي لغة الروح والقلب التي تعبر عن نفسها ببساطة ودون حاجز أو ستار. وهذا ما يجعلها أعمَّ تأثيراً من المتاحف الفنية الأثرية التي لا يفهم دروسها غير الاختصاصيين.
وأول واجب يلزم القيام به هو الإسراع إلى جمع التحف الاتنوغرافية وإلى تصنيفها إلى مجموعات تعرض بطرق وأصول وأساليب خاصة بها. لأن هذه المجموعات لا تشبه مجموعات التماثيل واللوحات الحجرية المنحوتة أو المنقوشة أو الصور وغيرها وهي أوسع منها ويقصد منها غاية تخالف الغاية المتوخاة من عرض الأشياء المتقدمة التي يسعى إلى تنظيمها حسب طريقة تظهر تأثيرها الفني على وجه كامل. فطريقة العرض في المتاحف الأثرية والفنية تستمد مبادئها من مذاهب التسلسل التاريخي أو التوزع الجغرافي أو الصنعة أو الأسلوب. أما العرض في المتاحف الاتنوغرافية فصعب، يتحتم أن يكون على طريقة كشفية تظهر أصدق صفات الوثائق المجتمعة، ويرجع ذلك إلى أنه لا يوجد شيئان اتنوغرافيان يشبهان بعضهما كل الشبه فكما أنه لا يوجد رجلان يفكران مثل بعضهما تماماً، فكذلك لا يوجد سلتان أو مجرفتان تتماثلان كل المماثلة. لهذا فإن الزمن الذي يتطلبه إنشاء هذا المتحف في دمشق سيكون طويلاً كما أن تطبيق طريقة العرض المثلى فيه ستكون نتيجة التجربة المبنية على تهيئة علمية جيدة وعلى معلومات واسعة يقارن فيها علم الاتنوغرافيا الذي هو علم توصيفي بالعلوم التشبيهية كعلم الاتنولوجيا. ثم إن تنوع الأشياء الاتنوغرافية ناشئ عن أسباب بيولوجية بحتة وعن تنوع مظاهر الحياة الاجتماعية. فهنا يوجد سكان المدن المنصرفون إلى التجارة والصناعة بمختلف أنواعها. وهناك يقيم الزارعون والقرويون والصيادون، وهنالك تعيش قبائل البدو الرحل.
وقد دعا هذا الاختلاف في تنوع حياة السكان كثيراً من منظمي المتاحف الاتنوغرافية إلى تقسيم مجموعاتهم حسب البيئات الطبيعية المأهولة. فجعلت أقسام مختصة بعرض أدوات وأوائل سكان الشواطئ، وأقسام ثانية مختصة بعرض مصنوعات سكان السهول، وثالثة لسكان الجبال، ورابعة لسكان الجنوب، وخامسة لسكان الشمال والخ. . . وأضيفت إلى كل هذا مخططات وشروح وصور وأشياء طبيعية منتزعة من وسطها الطبيعي توضح السبب الذي أوجدها، إذ إن كل مجموعة اتنوغرافية بحاجة ماسة إلى جو خاص لا يمكنها الافتراق