وابتسمت لها ولما نهضت رنت الأجراس بصوت عذب كصوت المياه المنسابة فوق الحصى وتحت أشعة الشمس.
وحاولت انتزاع الثوب ولكن الفتيان صاحوا:
- لا. . . لا تنزعيه فهو يناسبك أكثر من كل أثوابك. . هيا اخرجي به لنراه. .
وخرجت لاتيا من منزلها وسارت في الطريق بينما تبعها الفتيان عن كثب وأخذت تسأل وهي تسمع صوت الأجراس. . .
- أو تظنون انه يسمعني الآن عن بعد.
ومر رجل عجوز فحدق بها من تحت نظارته ثم فغر فاه دهشة وقال:
- هذه لاتيا. . ولكن ما بالها أخفت شعرها.
والتفت حوله فألفى النساء على عتبات الدور يرمقنها وهي تمر بينما تجمع الأطفال خلفها وهم يتصايحون وأما لاتيا فقد أعجبت بثوبها هذا وسارت وهي تقول:
- هذا اللون الأحمر. . وهذا اللون الأصفر. . وهذه بقعة تلمع. . سيراني حتماً. . ولكن لقد مللت الانتظار.
وسألها أحدهم.
- إلى أين تذهبين يا لاتيا.
فأشارت بيدها جهة كنيسة القرية القائمة على مرتفع يطل على القرية وقالت:
- سأذهب إلى مكان مرتفع يمكن لمن يتجه نحو القرية أن يراه بسهولة.
فقالت النسوة.
- دعوها وشأنها فهي لا تسيء إلى أحد.
وتابعت لاتيا طريقها بزهو وإعجاب نحو الكنيسة تتبعها نظرات الشيوخ المتألمة ونظرات الشباب الباسمة. حتى إذا ما بلغتها جلست أمام المدخل على حجر مسطح ومن هنا يميز الناظر ثلاث طرق مؤدية إلى الضواحي تبدأ في الأفق دقيقة ثم تتسع وتتسع كلما اقتربت من القرية. أحدها أسود عريض يؤدي إلى الشرق والآخر أبيض ضيق أما الثالث فيؤدي إلى غابة تقوم خلفها جبال زرقاء قاتمة. ومن هنا راحت لاتيا تراقب الطرق الثلاث ففي كل يوم تقصد الكنيسة إما بصحبة أولاد يتبعونها للتسلية أو بصحبة رجل أو امرأة تتجه