للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكل ما في الواقع حوادث يسيء البؤساء قبولها والحياة ثقة وورد وحب وجمال ونجاح.

وإنا نجدهم على اتفاق غريب في اتخاذ السعادة غاية الحياة، في الأرض وفي السماء. يعلن ذلك رجال الفكر والفلسفة والدين والأدب والأخلاق من كتاب وكاتبات، ومصلحين وقديسات صديقات. شعار السعادة الدنيوية أن تعيش على الأرض أبداً. وشعار السعادة الأخرى أن لا تفنى في الفردوس أبداً.

وسأتغلب أيها الصديق القارئ على بعض من شعور التواضع والاعتذار فأظهر لك أن هؤلاء جميعاً يخطئون حيث يتفقون في أمر السعادة وحيث يختلفون.

السعادة تفسير

إن السعادة في رأيي ليست غاية الحياة، كلا. أنها هي تفسير الحياة، وهي تفسير للحياة فحسب. ليست السعادة ابتسام طفل، وحكمة عجوز، بل هي تفسير كل إنسان لفلسفته في الحياة. وذلك التفسير هو الذي حارت فيه عقول الناس منذ أقدم العصور حتى الآن، وأن نعرف نحن تفسيراً مناسباً للسعادة وللحياة إلا إذا أحطنا قليلاً بناموس الثقافة وسنة الفكر.

الإنسان موجود له غرائزه وميوله وفكره ويداه. ومن كل هذا يستمد تفسير وجوده في الحياة، وحينما يكون تفسير العيش مطابقاً للعيش، تحصل السعادة. وحينما يخالف تفسير العيش واقع العيش، يكون الشقاء.

إن الحمامة الصغيرة البيضاء، أي العقل والثقافة وروح القدس، حينما تغادر عقول الناس في الطريق التي لا تعرف نهايتها، طرق المجهول والممكن، يتيه الناس. فالسيدة (ماري) تفسر بقاءها مع زوجها تفسيراً يخالف طبيعة الزواج. أنها تفسر الحب بعد خمسة أعوام مثل تفسيرها له في سن الصبا، وقبيل الزفاف. وليست السعادة هي التي تخطئ السيدة (ماري) بل تفسير السيدة (ماري) للسعادة هو الخطأ المبين. إن طريق السعادة التي يعرف أولها تبدأ - في رأيي - بتفسير الحب تفسيراً صحيحاً. فالنظر في علم النفس وقوانين العاطفة وآثار العادة لاشك يوضح للعقل أن ممارسة الحياة الزوجية يؤثر على حماس الحب، فيقلبه إلى صداقة رائعة ذكية غالباً، ويزيده اتقاداً ونوراً أحياناً. لا عاصم من أن رؤية أله جمال ليل نهار، طول كل ليلة، وخلال كل فترة طعام من كل نهار، يضعف الشعور بالجمال، ولذا يبدو كاتب العدل القديم في نظر زوجته رجلاً عادياً كسائر الناس، له

<<  <  ج: ص:  >  >>