للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تذكرها كثيراً قصائد رأس شمرة أهمها (داغون) وإشارته صورة الأسد و (رشيف) وعلامته رأس الغزال وهو إله البرق، و (عنات) وهي شقيقة (ايلايين) وتسمى (البتول).

وتوضح نصوص رأس شمرة خاصة الأساطير الزراعية الفينيقية التي تصف بصورة فاجعة موت قوى الطبيعة وانبعاثها وتكشف عن شكلها الابتدائي بعبارات دقيقة واضحة، وفي الواقع كان الفينيقيون يعتقدون كغيرهم من الأمم القديمة أنه بإمكانهم أن يعجلوا تجدد المياه والنباتات إذا احتفوا بمراسيم وطقوس معينة تمثل حياة ومصرع وانبعاث أرواح المياه والنباتات. بيد أن كل ما وصلنا عن ديانة أدونيس التي ترمز إلى كل ذلك كلن عن طريق شهادات العصور اليونانية والرومانية ويمكن تلخيصها بما يأتي:

ولد أدونيس من شجرة مقدسة وعندما شب وترعرع التقطته أفروديت ربة الجمال وعهدت به إلى (برسفونة) ربة الموت التي تعيش تحت الأرض. وقد رفضت هذه أن تعيده إلى أفروديت، فنزلت ربة الجمال إلى جهنم ورجت (زوث) كبير الآلهة أن يتوسط بينها وبين (برسفونة) ففعل وحكم بأن يعيش أدونيس ستة أشهر تحت الأرض وستة أشهر فوقها مع أفروديت وقد اتخذته هذه خليلا لها. غير أنها لم تنعم به طويلاً. فقد قتله خنزير بري في ريعان الشباب عندما كان يصطاد في الغابة وبكته أحر البكاء ثم دفنته في الثرى حيث سيبعث كل عام مع النباتات الجديدة.

فأدونيس هو إله الزراعة ويمثل روح النبات. وكان يعبد في كل أنحاء فينيقية وتقام له أعياد تسمى الأدونيسيات يمثل الفينيقيون خلالها مصرعه وانبعاثه، وتجري في كل بلدة من بلادهم ولاسيما في جبيل القريبة من نهر إبراهيم الذي يسمى بنهر أدونيس. ففي الصيف يتألف موكب كبير يسير من جبيل ويصعد إلى مرتفعات لبنان ويقف بين حين وآخر، وما يزال حتى يصل إلى منبع النهر في مغارة أفقا، وهناك يضع بعضهم صورة الإله القتيل. ثم تعود كاهنات أفروديت المشتركات في الموكب إلى معبد جبيل بما يشبه جثته بين العويل والرقص الجنازي على نغمات الناي الحزين. وأخيرا تدفن هذه الجثة لكي ينبعث مرة ثانية في فصل الربيع.

وكان الفينيقيون يعتقدون أنه يعود إلى الحياة وأنه يصعد السماء قبل أن يحتوي القبر جثته، فكان لزاما على جماهيرهم أن يشتركوا في الحزن ويتحتم على النساء أن يقصصن

<<  <  ج: ص:  >  >>