غالب الأحيان وقتية وتضمحل مع انحلال الأزمة. وقد لاحظ كثير من الأساتذة بأن بعض طلابهم يمرون من طور غريب إلى آخر أعزب منه ثم تتلاشى هذه الحالات، ولا يبقى لها أثر.
فيجب إذن - عوضاً عن مجازاة الطالب الذي يذهب للتدخين في زاوية من زوايا المدرسة، أو يشيح بوجهه عن أساتذته في الطريق كي لا يلقي عليهم السلام - أن نستفيد من هذه الفترة المندفعة والناشئة، ونوجهه - بعد تطبيق العقاب الملائم - نحو الحياة الداخلية ليصلح نفسه بنفسه بعد تأمل وتفكير، أو نوجهه نحو العمل المنتج المبدع.
ولا يغرب عن البال بأنه من المستحيل إبعاد المراهق عن كل اصطدام مع المحيط، لأننا بذلك نقتل فيه كل حيوية، ونحرمه من كل تجربة، هو بأشد الحاجة إليها ليتمكن من معرفة قواه، وليتعرف على المحيط الذي يعيش فيه. يجب أن نترك له المجال لكتابة ما يفكر به إذ نعلم مدى احترام المراهقين لفكرهم. ونرى في غالب الأحيان أخطاء كبيرة، وانحرافات صريحة في كتاباتهم يجب أن تكون نقطة البدء فنصححها عوضاً عن فرض وجهة نظرنا، وإهمال وجهات نظرهم.
وأخيرا فإن ملاحظة المراهق والأعمال الغريبة التي يقوم بها تقدم للمربي فائدة أخرى مهمة، إذ يمكن أن يرى، من وراء المظاهر المختلفة، الاتجاه الذي يسير فيه الناشئ.
٢_هل تسمح للشاب تقدير قيمته؟ لا شك في ذلك، إذ من الضروري أن يتعرف إلى قيمته بالنظر لغيره من أفراد المجتمع، وينمو لديه الشعور بالشرف، ذلك الشعور الذي هو عنصر هام من عناصر الفضيلة.
٣_الاحتياطات التي يجب أخذها - يظن بأن كثرة الدراسات والمطالعات هي خير معين للطالب في أزمته. إنه لظن خاطئ، لأنها تخنق الشعور بالذات.
ولا تترك المجال للشخصية الناشئة للتكون والنمو. بل على العكس يحتاج المراهق إلى كثير من التسلية والراحة. ولا شك بأن كثرة المواد الدرسية وتكثف البرامج هي وسائل ترفضها التربية الحديثة ويشكو منها مربُّو العالم أجمع. فإذا كان التعليم في أكثر بلاد العالم بعيداً عما يرغبه علماء النفس والتربية فما ذلك إلا لأن أذهان القائمين على الأمر لا تزال متجهة نحو النمو العقلي، وضرورة تلقي أكبر كمية ممكنة من المعلومات، مبتعدين عن