الغاية الأساسية للتربية، ألا وهي - تكون أشخاص يملكون توازنا وانسجاماً تاماً بين القوى المختلفة للإنسان، قوى عقلية وروحية، وأخلاقية، وجسمية.
يجب أن نحتاط كثيراً عندما نريد توجيه شاب انتابته الأزمة لأنه يقوم بأعماله خاضعا لهزات عنيفة فجائية، فيميل بشغف إلى أمر ثم ينحرف عنه، وينتقل إلى غيره، وهذا ما يهيب بنا إلى القول بضرورة فحص الميول من قبل الراشد ومعرفة ما هو قوي منها وما هو ضعيف، ما هو دائم وما هو وقتي، أي معرفة الذوق الحقيقي للمراهق ثم تقويته وتوجيهه. وما الاختبارات الخاصة من اكتشاف قابليات الفتيان إلا مساعد كبير للمربين.
وإذا أردنا أن نحدد السن الذي يسمح فيه للمراهق اختيار المهنة أو الاتجاه الحقيقي الذي يتلاءم مع مواهبه نقول هو سن التاسعة عشرة أو العشرين. أي حينما يخرج من أزمته ويكون قد تقلب من ميول وقتية مختلفة ثم تركها ليحقق نهائيا ما تدفعه إليه قابلياته الحقة والدائمة. إن هذا الأمر صعب ولا يتسنى إلا لقسم ضئيل من أبناء الأمة.
٤_هل يمكننا الاستفادة من الأزمة كي نهيئ دخول الشاب في المجتمع وقبوله تقاليده ونواميسه؟ لا شك في ذلك. نحن نعلم أنه يثور في أزمته على المحيط ونعلم أيضاً بأنه يسعى للتأثير فيه. فهو حانق من جهة وراغب من جهة ثانية في إصلاحه وتحقيقه مثله العليا، وهذا الميل يساعدنا على تقريبه من المحيط والاندماج به.
ولذا يجب أن يكون المراهق حرا في أعماله، شاعراً بالمسؤولية الملقاة على عاتقه يقوم بأعمال تامة تؤدي إلى نتائج فعلية، ونبعده عن العمل لأمور لا توصله إلى نتائج حقيقية. ولا يكون ذلك إلا بخلق محيط خاص للشباب يعملون فيه بحرية تامة ويعتمدون على تشبثهم الشخصي. يمكن أن نجعل من المدرسة المحيط الملائم بإشراك الطلاب في إدارة بعض الأعمال المدرسية، والثقة بكفاءاتهم، فيأنسون بالراشد ويتعاونون معه وتصبح الثقة متبادلة.
إن المحيط الذي نريده للشباب هو جمعيات المراهقين للرياض البدنية والسباحة وخاصة للقيام بالأعمال الكشفية، إذ يعيش الكشافون - في غالب الأحيان - في الحقول والغابات، أو على شواطئ البحار والأنهار أو في الأماكن الجبلية أي يعيشون في الهواء الطلق في حضن الطبيعة معتمدين على وجوههم الشخصية وعلى حرية العمل، يقرءون في كتاب