_ ليحرسني الله. . يا لك من غريرة أو تذهبين هكذا مسرعة دون أن تصغي إلي، أنني أحب أن أقص عليك قصة سيسيل فهي ستعلمك أشياء كثيرة يا صغيرتي. . اجل لو صادفت سيسيل يوم زفافها أي منذ ثلاثين عاماً، شخصاً مثلي يحدثها عن الحياة لتغير كل شيء. .
حارت الفتاة في أمرها فركضت إلى زاوية الشارع، ورأى الرجل ثيابها الحريرية المتوجة وقد ألقت عليها الشمس شعاعها المذهب فأهاجه ذلك وحرك في نفسه الذكريات الأليمة فلحق بها وامسك ذراعيها بقوة ثم قال بلهجة الآمر:
_ تعالي معي.
وألقى عليها نظراته المعهودة ففقدت كل إرادة ولم تقو على المقاومة بل سارت طائعة مختارة وكأنها في حلم ثم همست كالمأخوذة: ولكن الطعام لن يكون جاهزاً في حينه وسيثور جان لويس لذلك. .
_ ها ها ها. . سيكون جان لويس مخطئا إذا ثار إذ انه سيمضي بقية عمره رهين المخاوف.
وسار في طريق يؤدي إلى ساحة هادئة تتوسطها حديقة صغيرة وتحيط بها أشجار الدلب المكسية بالقشور الذهبية وقال الشريد:
_ لندخل الساحة.
ودخلا. كان الظل مخيما، والهدوء شاملا. وما من كائن حي هناك عدا قطة متوحشة لاذت بالفرار خوفا من ثياب العروس البيضاء. وتوجه الشريد إلى مقعد واجبر نيومي على أن تجلس بجانبه فقد كان يتأبط ذراعها بقوة بحيث لم تتمكن من الخلاص منه. وقال الرجل: دعيني أقص عليك قصة سيسيل. وصمت يستجمع قواه ثم قال:
لقد مضت مدة طويلة لم اذكر خلالها اسم سيسيل كما أن زمناً طويلاً مضى أيضاً دون أن أرفع رأسي كي انظر إلى السماء وجمالها في الربيع. . فالظلمة هي صديقتي الوحيدة المفضلة. ولكن هذا اليوم سيكون أتعس أيام حياتي وأكثرها شؤما إذا افتتح بأصوات الأجراس التي أحيت في نفسي الذكريات. ومسح الرجل دمعة انحدرت فوق وجنته وتابع:
عرفت سيسيل في الثامنة من عمري إذ كنا نذهب سوية في كل يوم إلى مدرسة القرية.