للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

إِنَّمَا الْخِيارُ بِشَرْطٍ (١) كَشَهْرٍ فِي دَارٍ وَلَا يَسْكُنُ، وكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ (٢) واسْتَخْدَمَهُ، وكَثَلَاثَةٍ فِي دَابَّةٍ وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ الْبَرِيدِ. أشْهَبُ: والبريدَيْنِ. وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا تَرَدُّدٌ، وكَثَلَاثَةٍ فِي ثوْبٍ، وصَحَّ بَعْدَ بَتٍّ. وهَلْ إِنْ نَقَدَ؟ تَأوِيلَانِ، وضمِنَهُ حِينَئذٍ المُشْتَرِي.

[الكلام على الخيار]

ينقسم الخيار إلى خيار تروّ وإلى خيار نقيصة؛ لأنه إما من جهة العاقد أو من جهة المعقود عليه، فإن كان من جهة العاقد بأن يشترطه أحد المتبابعين أوكلاهما، فهو خيار التروي، أي النظر والتفكر في الأمر والتبصر فيه. وإن كان موجبه ظهور عيب في المبيع أو استحقاق فهو خيار النقيصة، ويسمى الخيار الحكمي، وبدأ المصنف كغيره بالكلام على خيار التروي؛ وهو الذي ينصرف إليه بيع الخيار عند الإطلاق في عرف الفقهاء، وهو كما قال ابن عرفة: بيع الخيار بيعٌ وُقف بتُّه أولًا على إمضاء يتوقع، ا. هـ. الحطاب.

(١) قوله: إنما الخيار بشرط: نبه بأداة الحصر على أن خيار التروي عند أصحابنا إنما يكون بالشرط؛ أي بأن يشترطه أحد المتبايعين أوكلاهما، خلافًا لابن حبيب من أصحاب مالك، ولعبد الحميد الصائغ من أصحابنا المتأخرين، فإنهما جعلا خيار التروي ينقسم الى قسمين: خيار مكان وخيار شرط؛ أما خيار المكان فهو خيار المجلس لأنه ثبت به الحديث المتفق عليه من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر، أن، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الْمُتَبَايعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بالْخِيَار عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ"

قال البغوي: اختلف العلماء في ثبوت خيار المكان للمتبايعين؛ فذهب أكثرهم إلى أنهما بالخيار بين فسخ البيع وإمضائه ما لم يتفرقا بالأبدان. يروى ذلك عن ابن عباس، وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو، وحكيم بن حزام، وعبد الله بن عمر، وأبي برزة الأسلمي. وإليه ذهب شريح، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، والشعبي، وطاوس، وعطاء بن أبي رياح، والزهري، =

<<  <  ج: ص:  >  >>