للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ فِي العدة

تَعْتَدَّ حُرَّةٌ (١)، وَإِنْ كِتَابِيَّةً، أَطَاقَتْ الْوَطْءَ، بخَلْوَةِ بَالِغٍ غَيْرِ مَجْبُوبٍ. أمْكَنَ شَغْلُهَا مِنْهُ، وإنْ نَفَيَاهُ، وأخِذا بإقْرارهما (٢)، لا بغَيْرهَا، إلَّا أنْ تُقِرَّ به أوْ يَظْهَرَ حَمْلٌ وَلَمْ يَنْفِهِ، بِثَلَاثَةِ أقْرَاء أطْهَارٍ (٣).

الكلام على العدة

قال ابن قدامة: الأصل في وجوب العدة الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (١). وقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (٢). وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (٣).

وأما السنة فقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يَحِل لِامْرأةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أنْ تحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أرْبعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا". وقال -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة بنت قيس:"اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ". في آي وأحاديث كثيرة.

وأجمعت الأمة على وجوب العدة في الجملة، وإنما اختلفوا في أنواع منها. وأجمعوا على أن المطلقة قبل المسيس لا عدة عليها لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} (٤). قال: ولأن العدة تجب لبراءة الرحم وقد تيقناها ههنا. ا. هـ. منه في المغني.

تنبيه: المعتدات ثلاثة أقسام:

الأول: معتدة بالحمل؛ وهي كل امرأة حامل من زوج إذا فارقت زوجها بطلاق أو فسخ أو موته عنها، سواء كانت حرة أو أمة، مسلمة أو كافرة، فإنها تعتد بوضع حملها ولو بعد ساعة، =


(١) سورة البقرة ٢٢٨.
(٢) سورة الطلاق: ٤.
(٣) سورة البقرة: ٢٣٤.
(٤) سورة الأحزاب: ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>