للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الدماء]

بَابٌ: إن أتْلَفَ مُكَلَّفٌ (١) وَإنْ رُقَّ (٢) عير حَرْبيٍّ وَلَا زائِدِ حُرِّيَّةٍ أوْ إسْلَامٍ حِينَ الْقَتْلِ (٣)، إلَّا لِغِيلَةٍ (٤)، مَعْصومًا (٥) لِلتَّلَفِ والإِصَابَةِ بإيمانٍ أوْ أمَانٍ كالقَاتِلِ مِنْ غَيْرِ المُسْتَحِقِّ، وأُدِّبَ كَمُرْتَدٍّ، وَزَانٍ أُحْصِنَ ويَدِ سَارِقٍ، فالقَوَدُ عَيْنًا (٦) وَلَوْ قَالَ: إنْ قَتَلْتَنِي أبْرأْتُكَ. ولَا دِيَةَ لِعَافٍ مُطْلِقٍ (٧) إلَّا أنْ تَظْهَرَ

[كتاب الدماء]

قال ابن شاس: الدماء خطيرة القدر في الدين، والقتل كبيرة فاحشة موجبة العقوبة في الدنيا والآخرة، وموجباتها في الدنيا خمسة: القصاص، والدية، والكفارة، والتعزير، والقيمة. وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَنْ شَارَكَ فِي دَمِ امْرِئٍ مسْلِمِ بِشَطْر كَلِمَةِ، جَاءَ يَوْمَ الْقيَامَة مَكْتُوبُ آيسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ".

وقال المتيطي: قال بعض الشيوخ: من قال: إن القاتل يخلد في النار على التأبيد فقد أخطأ وخالف السنة؛ لأن الذنب لا يحبط ما تقدم من إيمانه، ولا ما اكتسب من عمل صالح، ولابد أن يجازي الله سبحانه كل مؤمن على إيمانه، قال الله تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} (١). وقال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (٢). وقال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} (٣). ولكن من تمام توبة القاتل عرضه نفسه على أولياء المقتول، وأن يصوم أو يعتق. وأَن يلازم الجهاد. ا. هـ. المواق.

(١) قوله: إن أتلف مكلف، قال الحطاب: بدأ المُصَنف الكلام على القصاص في النفس؛ وله ثلاثة أركان: القاتل والمقتول والقتل، فقال: إن أتلف مكلف ألخ. ولم يقل إن قتل؛ لأن الإِتلاف يشمل المباشرة والتسبب، والقتل إنما يتبادر في المباشرة. وذكر أنه يشترط في وجوب القصاص على القاتل ثلاثة شروط: الأولي، أن يكون مكلفًا، وهو العاقل البالغ، فلا قصاص على صبي ولا على مجنون لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْغُلَامِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ". رواه أبو داود.

تنبيه: المرفوع في هذا الحديث إنما هو الإِثم، وهو من باب خطاب التكليف، وأما الضمان فلا؛ =


(١) سورة محمد: ٣٥.
(٢) سورة الزلزلة: ٧، ٨.
(٣) سورة الأنبياء: ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>