(١) وقوله علة طعام الربا اقتيات وادخار، في الموطإ: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن من ابتاع شيئًا من الفاكهة من رطبها أو يابسها، فإنه لا يبيعه حتى يستوفيه، ولا يباع شيء منها بعضه ببعض، إلا يدًا بيد، وما كان منها مما يبس فيصير فاكهة يابسة يدخر وتؤكل، فلا يباع بعضه ببعض إلا يدًا بيد ومثلًا بمثل، إذا كان من صنف واحد، فإن كان من صنفين مختلفين فلا بأس أن يباع منه اثنان بواحد يدًا بيد، ولا يصلح إلى أجل، وما كان منها لا ييبس ولا يدخر إنما يؤكل رطبًا؛ كهيئة البطيخ، والقثاء، والخربز، والجزر، والأترج والموز والرمان وما كان مثله، وإن يبس لم يكن فاكهة بعد ذلك، وليس هو مما يدخر ويكون فاكهة، قال: فأراه خفيفًا أن يؤخذ منه من صنف واحد اثنان بواحد يدًا بيد، فإذا لم يدخل الأجل في شيء منه فإنه لا بأس به. ا. هـ. منه.
قال البغوي: اتفق أهل العلم على أن الربا يجري في هذه الأشياء الستة التي نص عليها الحديث، وذهب عامة أهل العلم إلى أن حكم الربا غير مقصود عليها بأعيانها، إنما ثبت لأوصاف فيها، ويتعدى إلى كل مال توجد فيه هذه الأوصاف، ثم اختلفوا في هذه الأوصاف؛ فذهب قوم إلى أنَّ المعنى في جميعها واحد، وهو النفع، وذهب أكثر أهل العلم إلى أن الربا ثبت في الدراهم والدنانير بوصف، وفي الأشياء المطعومة بوصف آخر، واختلفوا في ذلك الوصف، فقال: قوم: ثبت في الدراهم والدنانير بوصف النقدية. وبه قال مالك والشافعي. وقال قوم: ثبت بعلة الوزن. وهو قول أصحاب الرأي حتى قالوا: يثبت الرِّبا في جميع ما يباع وزنًا في العادة؛ مثل الحديد والنحاس والقطن ونحوها. قال: وأما الأشياء الأربعة المطعومة، فذهب قوم إلى أن الربا ثبت فيها بوصف الكيل أو الوزن؛ فكل مطعوم هو مكيل أو موزون يثبت فيه الرِّبا. وهو قول سعيد بن المسيب قال: لا ربا إلا في ذهب أو ورق أو ما يكال أو يوزن مما يؤكل أو يشرب. وقاله الشافعي قديمًا، وقول مالك قريب منه، وقال في الجديد: يثبت فيها الربا بوصف الطعم. وأثبت الربا في جميع الأشياء المطعومة؛ مثل الثمار والفواكه والبقول والأدوية، سواء كانت مكيلة أو موزونة أو لم