للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الهبة]

بَابٌ: الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بلَا عِوَضٍ (١) ولِثَوَاب الآخِرَةِ صَدَقَةٌ، وصَحَّتْ في كل مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا (٢) وإنْ مَجْهُوَلًا أوْ كَلْبًا وَدَيْنًا، وَهُو إبْرَاءٌ إنْ وُهِب لمَنْ عَلَيْهِ وإلَّا فَكالرَّهْنِ، وَرَهْنًا لم يُقْبَضْ وأيْسَرَ رَاهِنُهُ أوْ رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ وَإلَّا قُضِيَ بِفَكِّهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ وإلَّا بَقيَ لِبَعْدِ الأجَلِ. بِصيغَةٍ أوْ مُفْهِمِهَا (٣) وإنْ بفِعْلٍ كَتَحْلِيَةِ وَلدِهِ، لا بابْن مَعَ قَوْلِهِ دَارَهُ، وحِيزَ وإنْ بِلا إذنٍ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ (٤)، وبَطلَتْ إنْ تَأخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ (٥) أو وَهَبَ لِثَانٍ وحَازَ أوْ أعْتَقَ الْوَاهِبُ أوْ اسْتَوْلَدَ ولَا قِيمَةَ، أو اسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً أوْ أرْسَلَهَا ثُمَّ مَاتَ، أو المُعَيَّنَةُ لَهُ (٦) إن لمْ يُشْهِدْ، كأنْ دَفَعْتَ لِمنْ يَتَصَّدَّقُ عَنْكَ بِمَالٍ ولم تُشْهِدْ.

[كتاب الهبة]

(١) قوله: الهبة تمليك بلا عوض ألخ. الهبة، والصدقة، والهدية، والعطية، معان متقاربة، وكلها تمليك بلا عوض، واسم العطية شامل لجميعها، وكذلك الهبة، لكن الصدقة والهدية بينهما تغاير، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، وقال عليه الصلاة والسلام في اللحم الذي تصدِّق به على بريرة: "هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ".

لذلك، فإن الفرق بين الصدقة والهدية؛ أنه من أعطى شيئًا يتقرب به إلى الله تعالى للمحتاج، فهو صدقة، ومن دفع إلى إنسان شيئًا للتقرب إليه ولمحبته، فهو هدية.

قال ابن قدامة: وجميع ذلك مندوب إليه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تهَادَوْا تَحَابُّوا" (١). وفي البيهقي عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَا نِسَاءَ الْمُسْلِماتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ". قال: رواه البخاري في الصحيح عن عاصم بن علي، وأخرجه مسلم من وجه آخر عن سعيد.

وفي البيهقي أيضًا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ أُهْدِيَ إلَيَّ ذِرَاعٌ لَقَبِلْتُ، وَلَوْ دُعِيتُ إلَى كِرَاعٍ لأجَبْتُ". وقال: أخرجه البخاري من حديث شعبة. =


(١) رواه البيهقي بسنده عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>