للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إحياء الأرض الموات]

بَابٌ: مَوَاتُ الأرْضِ مَا سَلِمَ عَنِ الاخْتِصَاصِ بِعَمَارَةٍ (١) وَلَوِ انْدَرَسَتْ إلَّا لإِحْيَاءٍ (٢)، وبِحَريمِهَا كمُحْتَطَبٍ وَمَرْعىً (٣) يُلْحَقُ غَدُوًّا وَرَواحًا لِبَلَدٍ، وَمَا لا يضَيِّقُ على وَارِدٍ ولَا يَضُرُّ بِمَا لِبِئرٍ، ومَا فيهِ مَصْلَحَةٌ لِنَخْلَةٍ، ومَطْرَحٍ لِتُرابٍ، ومَصَبِّ مِيزابٍ لِدَارٍ، ولا تَخْتَصُّ مَحْفُوفَةٌ بأمْلَاكٍ (٤) وَلِكُلٍّ الانتفاعُ مَا لَمْ يَضُرَّ بالآخَرِ.

وبإقْطَاعِ الإِمَامِ (٥)، ولَا يُقْطِعُ مَعْمُورَ الْعَنْوَةِ مِلْكًا، وَبِحِمَى إمَامٍ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ قلَّ مِنْ بَلَدٍ عَفَا لِكَغَزْوٍ (٦)، وافْتَقَرَ لإِذْنٍ (٧) وإنْ مُسْلِمًا إِنْ قَرُبَ، وإلَّا فللإِمَامِ إمْضَاؤهُ أوْ جَعْلُهُ مُتَعَدِّيًا (٨)، بِخِلَافِ البَعِيدِ وَلوْ ذِمِّيًّا بِغَيْرِ جزيرَةِ الْعَرَب (٩).

[الكلام على موات الأرض وعلى إحيائه]

الموات هو الأرض الخراب الدارسة، تسمى ميِّتة، ومواتًا، وموتانا - بفتح الميم والواو - والموتان - بضم الميم وسكون الواو - الموت السريع. ورجل موتا - القلب - بفتح الميم وسكون الواو - يعني أعمى القلب لا يفهم، كذا لابن قدامة.

والأصل في إحياء الأرضر حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ".

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وروى سعيد بن زيد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أحْيَا أرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، ولَيْس لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ". قال الترمذي: هذا حديث حسن. وروى مالك في الموطإ، وأبو داود في سننه عن عائشة مثله، وقال ابن عبد البر: إنه مسند صحيح، متلقى بالقبول عند فقهاء المدينة المنورة وغيرهم.

وروى أبو عبيد في الأموال عن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أحْيَا أرْضًا لَيْسَتْ لأحَدٍ فهُوَ أحَقُّ بِهَا". قال عروة: قضى بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته، وعَامة فقهاء الأمصار متفقون على أن الموات يملك بالإِحياء، وإنما كان اختلافهم في شروطه. ا. هـ. المغني.

(١) قوله: موات الأرض ما سلم عن الاختصاص بعمارة: الموات قسمان: قسم لم يجر عليه ملك =

<<  <  ج: ص:  >  >>