للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الأطعمة]

بَابُ في المباح

الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِرٌ (١)، والْبَحْرِيُّ وإنْ مَيْتًا (٢)، وَطَيْرٌ وَلَوْ جَلَّالَةً وَذَا مِخْلَبٍ (٣)،

(١) قوله: المباح طعام طاهر، هذا يشمل كل ما كانت العرب تسميه طيبًا، مما لم ينص على تحريمه، فكل ما كانت العرب تستطيبه فهو حلال لقوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} (١). يعني ما يستطيبونه. ولقوله تعالى في سورة المائدة: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} (٢) وكل ما استخبثته العرب فهو حرام؛ لقوله تعالى في سورة الأعراف: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (٣). على أن الإِمام مالكًا أخذ من آية المائدة أن الحلال كل ما لم يرد تحريمه في كتاب ولا سنة، وعند الشافعي؛ الحلال المستلذ والحرام المستخبث بدليل آية الأعراف، فإذا ثبت أن كل المستخبثات حرام، دخل مثل الحشرات: كالديدان والجعلان، وبنات وردان، والخنافس، والفأر، والعقارب والحيات - خلافًا لما ثبت عن الإمام وابن أبي ليلى والأوزاعي - في هذا كله. والحجة عندهم في إباحته منطوق قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} (٤). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَمَا سَكَتَ اللهُ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ". الحديث.

قلت: وقد أناط المذهب الإِباحة حال الاختيار أكلًا وشربًا بالطهارة، وقد تقدم بيان الطاهر في الفصل الأول من المختصر؛ فكل طاهر مما لا يحتاج إلى ذكاة من جميع الأطعمة المعتادة فأكله جائز، ولا يخفاك الدليل مما تقدم بيانه. والله الموفق.

(٢) وقوله: والبحري وإن ميتًا، أي والبحري وإن وجد طافيًا ميتًا بنفسه؛ لما رواه مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن حبان، وابن ماجه، وابن خزيمة عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ماء البحر فقال: "هُوَ الْحِلُّ مَاؤُه الطَّهُورُ مَيْتَتُهُ". وروى =


(١) و (٣) سورة الأعراف: ١٥٧.
(٢) سورة المائدة: ٤.
(٤) سورة الأنعام: ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>