الكلام في هذا الكتاب في بيان أحكام الإِجارة، وكراء الدواب والحمّام والدار والأرض وما يناسبها .. ، فالإِجارة بيع منافع معلومة بعوض معلوم، وهي معاوضة صحيحة، يجري فمها ما يجري في البيوع من الحلال والحرام.
وقال القرافي في الذخيرة: يقال: آجر - بالمد والقصر - وأنكر بعضهم المد، وهو منقول، قال: ولما كان أصل هذه المادة الثواب على الأعمال، وهي منافع، خصصت الإِجارة ببيع المنافع على قاعدة العرف في تخصيص كل نوع تحت جنس باسم ليحصل التعارف عد الخطاب، قال: وقد غلب وضع الفعالة - بالكسر - للصنائع نحو: الصناعة، والخياطة، والتجارة ونحو ذلك، والفعالة - بالفتح - لأخلاق النفوس نحو: السماحة، والشجاعة، والفصاحة ونحو ذلك، والفعالة - بالضم - لما يطرح من المحقرات نحو: الكُناسة، والقُلامة، والفضالة، والنُّخالة ونحو ذلك. ا. هـ.
وقال في اللباب: حقيقة الإِجارة تمليك منفعة غير معلومة، زمنًا معلومًا، بعوض معلوم، وقال: وقد خص تمليك منفعة الآدمي باسم الإِجارة، ومنافع المتملكات باسم الكراء. قال: وحكمها الجواز ابتداء، واللزوم بفس العقد ما لم يقترن به ما يفسدها. قال: وحكمة مشروعيتها التعاون ودفع الحاجات، وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله:{وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}(١). ا. هـ. تلخيصًا من الحطاب.
قال سليمان الجمل في حاشيته على الجلالين: أي ليستعمل بعضهم بعضًا في حوائجهم، فيحصل بينهم تآلف وتضامّ، ينتظم بذلك نظام العالم، لا لكمال في الموسع عليه ولا لناقص في المقتر عليه. قال: وعبارة الخطيب {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} فيسخر الأغنياء بأموالهم الأجراء الفقراء بالعمل. فيكون بعصهم سببًا لمعاشر بعض؛ هذا بماله، وهذا بأعماله، فيلتئم قوام العالم، لأن المقادير لو تساوت لتعطلت المعايش، ا. هـ. منه باخصار. =