للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَابٌ

الرَّهْنُ بَذْلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا يُبَاعُ أوْ غَرَرًا وَلَوْ اشْتُرِطَ في العَقْدِ، وَثِيقَةً بِحَقٍّ (١)؛ كَوِليٍّ وَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ وَآبِقٍ وكِتَابَةٍ، واسْتُوفِيَ مِنْهَا أوْ رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ، وخِدْمَةِ مُدَبَّرٍ وإنْ رُقَّ جُزْء فمِنْهُ لا رَقبَتِهِ. وَهَلْ يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ؟ قَوْلَانِ.

الكلام على الرَّهْن

الرهن لغة: قيل الثبوت والدوام. يقال: ماء راهن أي راكد. ويقال: نعمة راهنة أي ثابتة، دائمة. وقيل: هو من الحبس، ومنه قوله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}. الآية. وقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)}. الآية.

ومنه قول زهير بن أبي سلمى في حوليته القافية:

وفارقتْك برهن لا فِكاكَ له … يومَ الوداع فأضحى الرهنُ قد غلقا

وهو في الشرع: المال الذي يُجعل وثيقهَ للدين، يستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه.

وحكمة الجواز بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين.

أما الكتاب فقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}. الآية. والرهان جمع رهن وجمع الجمع منها رُهُنٌ.

وأما السنة: فقد روت عائشة رضي الله عنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترى من يهودي طعامًا ورهنه درعه.

متفق عليه. وروى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا، ولَبَنُ الدَّرَّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا، وعَلى الَّذِي يرْكَبُ ويَشْرَبُ النَّفَقَةُ".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ".

وأما الإِجماع، فقد أجمع المسلمون على جوار الرهن، والله الموفق.

(١) قوله. الرهن بذل من له البيع ما يباع -ولو غررًا، ولو اشترط في العقد- وثيقة بحق، =

<<  <  ج: ص:  >  >>