للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَاب الفَلَس

لِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ تَبَرُّعِهِ (١) وسَفَرِهِ إنْ حَلَّ بِغَيْبَتِهِ (٢)، وَإِعْطَاء غَيْرهِ قَبْلَ أجَلِهِ، أوْ كُلَّ مَا بِيَدِهِ (٣)؛ كإقْرارِهِ لمْتَّهَمٍ عَلَيْهِ عَلى المخُتَارِ والأصَحِّ، لَا بَعْضِهِ وَرَهْنِه. وَفي كِتَابَتِهِ قَوْلَان.

الكلام على الْفَلَس أعاذنا الله والمسلمين منه

التفليس مشتق من الفلوس التي هي نوع من النقود؛ لأن الإِنسان المفلس لم يترك له شيء يتصرف فيه من ماله إلا التافه. وقال عياض: التفليس العُدْمُ، وأصله من الفلوس، أي أنه صار صاحب فلوس بعد أن كان ذا ذهب وفضة، ثم استعمل في كل من عدم المال؛ يقال: أفْلَسَ الرجلُ فهو مفلس. وفي المقدمات: التفليس، العدم. والتفليس خلع الرجل من ماله لغرمائه. والمفلس، المحكوم عليه بحكم الفلس الذي لا مال له، ا. هـ. الحطاب وفيه: فوائد تتعلق بالدين:

الأولى: قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} (١) الآية. وقال تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (٢) الآية، فدل ذلك على جواز الدين؛ وذلك إذا تداين الرجل في غير سرف ولا فساد، وهو يرى أن ذمته تفي بما يدَّان به.

وقد استعاذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الدين فقال: "اللهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ". وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إيَّاكم والدَّينَ فإنّ أوله همٌّ وآخره حَرَدٌ وحَرَبٌ -بفتح الحاء والراء- قاله في النهاية. وقيل بسكون الراء أي نزاع.

وقد وردت أحاديث في التشديد في الدين، منها: قوله -صلى الله عليه وسلم- المتفق عليه: "إن الرَّجُلَ إذَا غرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ" الحديث. ومنها ما أخرجه مسلم من حديث عبد اللة بن عمرو =


(١) سورة البقرة: ٢٨٢.
(٢) سورة النساء: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>