للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خاتمة وهي في ليلة القدر]

قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} قال البغوي: قال ابن عيينة: ما في القرآن: {وَمَا أَدْرَاكَ} فقد أعلمه، وما قال: {وَمَا يُدْرِيكَ} فإنه لم يعلم. قال الأرناؤوط: علقه البخاري عنه في صحيحه، وقال الحافظ: وصله محمد بن يحيى بن أبي عمر في كتاب - الإيمان - له من رواية أبي حاتم الرازي عنه قال: حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بلفظ: كل شيء في القرآن: {وَمَا أَدْرَاكَ}، فقد أخبر به، وكل شيء فيه: {وَمَا يُدْرِيكَ} فلم يخبر به. ومقصود ابن عيينة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعرف تعيين ليلة القدر. قال الحافظ: وقد تعقب هذا الحصر بقوله تعالى: {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} فإنها نزلت في ابن أم مكتوم، وقد علم - صلى الله عليه وسلم - بحاله، وأنه ممن تزكى، ونفعته الذكرى. ا. هـ. منه بلفظه.

وقال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}. قال ابن جزي الكلبي: معناه أن من قامها كتب الله له أجر العبادة في ألف شهر. قال: وسبب نزول الآية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر رجلًا ممن تقدم عَبَدَ اللهَ ألف شهر، فعجب المسلمون من ذلك، ورأوا أن أعمارهم تنقص عن ذلك، فأعطاهم الله ليلة القدر، وجعلها خيرًا من العبادة في تلك المدة الطويلة. ا. هـ. منه.

وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (١). قال ابن الجزي: يعني ليلة القدرمن رمضان، وكيفية إنزاله فيها؛ إنه أنزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل به جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا بعد شيء. قال: وقيل: يعني بالليلة المباركة ليلة النصف من شعبان، وذلك باطل لقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}. مع قوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (٢). ا. هـ. منه.

وأخرج البخاري في التراويح، باب فضل ليلة القدر، ومسلم في صلاة المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان، قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

واتفق الشيخان كذلك على حديث أنس قال: أخبرني عبادة بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج ليخبرنا =


(١) سورة الدخان: ٣، ٤
(٢) سورة البقرة: ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>