للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب المسابقة (١)

الْمُسَابَقَةُ بِجُعْلٍ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَبَيْنَهُمَا والسَّهْمِ (٢)، إِنْ صَحَّ بَيْعُهُ. وَعُيِّنَ الْمَبْدَأُ والْغَايَةُ، والْمَرْكَبُ، والرَّامِي، وعَدَدُ الإِصابَةِ، وَنَوْعُهَا مِنْ خَزْقٍ أوْ غَيْرِهِ. وأخْرَجَهُ مُتَبَرِّعٌ أوْ أحَدُهُمَا، فإنْ سَبَقَ غَيْرُهُ أخَذَهُ، وَإِنْ سَبَقَ هُوَ فَلِمَنْ حَضَرَ، لَا إنْ أخْرَجَا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ، ولو بِمُحَلِّلٍ يُمْكِنُ سَبْقُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّهْمِ وَالْوَتَرِ، وَلَهُ مَا شَاءَ، وَلا مَعْرِفَةُ الجَرْيِ والرَّاكِبِ.

(١) يقال السبْقُ - بسكون الباء - والسبَقُ - بفتح المهملة والموحدة - فالذي بسكون الباء هو المصدر، والذي بفتحها هو الذي يوضع لذلك. قال ابن قدامة: السبق بسكون الباء المسابقة، والسبقُ بفتحها الجعل المخرج في المسابقة.

(٢) وقوله: المسابقة بجعل في الخيل والإِبل وبينهما والسهم، نقل المواق، قال أبو عمر: جواز المسابقة مما خص من باب القمار، ومن باب تعذيب البهائم للحاجة إلى تأديبها وتدريبها. والمسابقة جائزة باتفاق على الرهان وعلى غير رهان. وهي على ثلاثة أوجه: وجه جائز اتفاقًا؛ وهو أن يُخرج أحد المتسابقين جعلًا، لا يرجع إليه بحال، ولا يخرج من سواه شيئًا، فإن سبق غير من أخرج الجعل كان الجعل للسابق، وإن سبق من أخرج الجعل كان الجعل طعمة لمن حضر، وإن كانوا جماعة كان الجعل لمن جاء سابقًا بعده منهم. ومثل هذا الوجه في الجواز إخراج الإِمام الجعل، فيجعله لمن سبق من المتسابقين، فهو مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم.

ووجه لا يجوز باتفاق؛ وهو أن يخرج كل واحد من المتسابقين جعلًا على أنه من سبق أحرز جعله وأخذ جعل صاحبه. فهذا لا يجوز باتفاق؛ لأنه من الغرر والقمار والميسر.

ووجه اختلف فيه أصحابنا؛ وهو أن يخرج كل منهما شيئًا، مثل ما يخرجه صاحبه، ويدخلان بينهما محللًا لم يخرج شيئًا، وتكافئ فرسه فرسيهما، على أن من سبق من الثلاثة أخذ الجميع. فهذا لا يراه مالك، وقد أجازه الجمهور لما روي عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ، فَإِنْ كَانَ يُؤْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْمَنُ أَنْ =

<<  <  ج: ص:  >  >>