للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

يَرْتَجِعُ مَنْ يَنْكِحُ وَإنْ بكإحْرَامٍ وَعَدَمِ إذْنِ سَيدٍ، طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ فِي عِدَّةِ صَحِيحٍ حَلَّ وَطْؤُهُ، بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ كَرَجَعْتُ، وأمْسَكْتُهَا، أوْ نِيَّةٍ على الْأظْهَرِ، وصُحِّحَ خِلَافُهُ، أوْ بِقَوْلٍ ولَوْ هَزْلًا في الطاهِر لَا الْبَاطِنِ، لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ بِلَا نِيَّةٍ؛ كَأعَدْتُ الحِلَّ، وَرَفَعْتُ التَّحْرِيمَ، ولَا بِفِعْلٍ دُونَهَا كوَطْء وَلَا صَدَاقَ، وإن اسْتَمَرَّ وانْقَضَتْ لَحِقَهَا طَلَاقُهُ (١) على الْأصَحِّ، ولَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخول وَإنْ تَصَادَقَا عَلى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَلَاقِ وأُخِذَا بإقْرارِهِمَا؛ كَدَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا إنْ تَمَادَيَا عَلى التَّصْدِيقِ عَلى الأصْوَبِ. ولِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ ولا تُطَلِّقُ لِحَقِّهَا في الْوِطْءِ وَلَهُ جَبْرُهَا عَلى تَجْديدِ عَقْدٍ بِرُبُعِ دِينَارٍ وَلَا إن أقَرَّ بِهِ فَقَطْ

(١) وقوله: ولا بفعل دونها كوطء ولا صداق، وإن استمر وانقضت لحقها طلاقه، هو تناقض في نظري، فكيف يصح تصور الإِثم في وطء لا يلزم صاحبه بالصداق؟. وكيف تصور عدم الرجعة بوطء يلحق بموجبه الطلاق في العدة منه؟. إعلم أن الرجعية زوجة بالإِجماع، لا يفتقر في ارتجاعها إلى ولي ولا إلى صداق ولا إلى رضى المرأة ولا إلى علمها، قال ابن قدامة: فالرجعة إمساك للزوجة واستبقاء لنكاحها، ولهذا سمى الله تعالى الرجعة إمساكًا، وسمى تركها فراقًا وسراحًا؛ قال تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}. وقال تعالى في آية أخرى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}. قال: وإنما تشعث النكاح بالطلقة وانعقد بها سبب زواله، فالرجعة تزيل ذلك الشعث وتقطع مضي الطلاق إلى البينونة، فلم يحتج فيها إلى ما يحتاج إليه ابتداء النكاح، ا. هـ. منه بتصرف.

يتحصل منه أن الذي يظهر أنه الصواب أن الرجعة تحصل بالوطء ولو لم ينو به الرجعة كما هو مروي عن سعيد بن المسيب، والحسن وابن سيرين وعطاء وطاوس، والزهري والثوري والأوزاعي، وابن أبي ليلى وأصحاب الرأي، واشترط مالك واسحاق نية الرجعة به. وإذا علمنا أن الطلاق سبب لحل العصمة مع الخيار، علمنا أن تصرف الزوج بالوطء يرفعه، تمامًا مثل وطء البائع الأمة المبيعة بالخيار.

<<  <  ج: ص:  >  >>