للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الوصية]

بَابٌ: صَحَّ إيصَاءُ حُرٍّ مُمَيِّزٍ مَالِكٍ، وإنْ سَفِيهًا أوْ صَغيرًا (١)، وهل إِن لم يَتَنَاقَضْ قَوْلهُ؟ أوْ أوْصَى بقُرْبة؟ تَأويلان. وكَافِرًا إلا بِكَخَمْرٍ لِمُسْلِم، لمَنْ يصحُّ تَمَلُّكُهُ (٢)، كمَنْ سَيَكوُنُ إنْ اسْتَهَلَّ، وَوُزِّعَ لِعَدَده، بِلَفْظٍ أوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ (٣). وقَبُولُ المُعَيَّن شَرْطٌ بَعْدَ الموْتِ (٤) فَالْمِلْكُ لهُ بِالمَوْتِ، وقومَ بِغَلَّة حَصَلَتْ بَعْدَه، ولَمْ يَحْتَجْ رِقٌّ لإِذْنٍ في قَبُولِهِ، كإيصَائِه بِعِتْقِهِ، وخُيِّرَتْ جَاريَةُ الْوَطْءِ، ولَهَا الانْتِقَالُ، وصحَّ لِعَبْدِ وَارثِهِ إن اتَّحَدَ أوْ بتافِهٍ أُريدَ بِهِ الْعَبْدُ،

[أحكام الوصية]

قال الحطاب: الوصية تمليك مضاف لما بعد الموت بطريق التبرع. ا. هـ. قال هذا تعريفها في الشامل، وأما اللباب فقد قال في تعريفها: تصرف المالك في جزء من حقوقه موقوف على موته، على وجه يكون له الرجوع فيه. ا. هـ. وقال ابن عرفة: الوصية في عرف الفقهاء عقد يوجب حقًا في ثلث عاقده يلزم بموته أو يوجب نيابة عنه بعده. ا. هـ.

والأصل فيها كتاب الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (١).

قال القرطبي: وليس في القرآن ذكر الوصية إلا في هذه الآية، وفي النساء؛ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ} وفي المائدة: {حِينَ الْوَصِيَّةِ} (٢).

وقد جاءت السنة بالوصية أيضًا؛ ففي البخاري حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا حَقُّ امْرِيءٍ مُسْلِم لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ يَبيتُ لَيْلَتَيْنِ إلا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ".

وحكم الوصية الاستحباب لمن ترك مالًا كثيرًا إلا لمن عليه حقوق أو عنده ودائع لا بينة عليها، فإن الوصية تجب في حق هذا. والله تعالى أعلم.

(١) قوله: صح إيصاء حر مميز مالك وإن سفيهًا أو صغيرًا ألخ. قال في المدونة: تجوز وصية ابن


(١) سورة البقرة: ١٨٠.
(٢) سورة المائدة: ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>