للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ (١)؛ كَعَبْدٍ تَخْتَارُهُ هِيَ لَا هُوَ، وضَمَانُهُ وَتَلَفُهُ، واسْتِحْقَاقُهُ،

= منه ما لا يليق بمنصبه، إذا وقع بغير اختياره. قال - وهو المأخوذ عليه - ويستنبط من هذا معذرة أهل المحبة في الله، إذا حصل لهم الوجد من سماع ما يفهمون منه الإِشارة إلى أحوالهم، حيث يظهر منهم ما لا يصدر عن اختيار من الرقص ونحوه. ا. هـ. منه بلفظه. قال الصنعاني هنا: لا يخفى أن زوج بريرة بكى من فراق محبوبه، وأن محب الله يبكي شوقًا إلى لقائه، وخوفًا من سخطه كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبكي عند سماع القرآن، وكذلك أصحابه رضي الله عنهم، وكذلك من تبعهم بإحسان، وأما الرقص والتصفيق فشأن أهل الفسق والخلاعة، لا شأن من يحب الله ويخشاه. فأعجب لهذا المأخذ الذي أخذوه من هذا الحديث. ا. هـ. منه بتصرف قليل.

فَصْلٌ في أحكام الصداق

قال سبحانه وتعالى: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} (١)، قال البغوي: أراد بالأجر الصداق. وقال الله عز وجل: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (٢).

قال البغوي: النحلة: هي العطية بلا عرض. ومعلوم أن المهر عوض عن الاستمتاع، فلم سماه نحلة؟. فالجواب: أن النحلة يراد بها هنا التدين والفرض في الدين، كما يقال: فلان انتحل مذهب كذا، أي تدين به. وقيل: سماه نحلة لأنه بمنزلة شيء يحصل للمرأة بغير عوض؛ لأنها تشترك مع الزوج في الاستمتاع وابتغاء اللذة، بل ربما تكون شهوتها أغلب، ولذتها أكثر، فكان المهر في الحقيقة نحلة منه لها بلا عوض.

قال البغوي: وقيل: لأن المهر في شرع من قبلنا كان للأولياء دون النساء. قال شعيب: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (٣). فقد اشترط العمل لنفسه لا لابنته. فلما جعل الله المهر للنساء في شرعنا، كان ذلك نحلة منه لهن. والله أعلم

(١) قوله: الصداق كالثمن ألح. أي يجوز بكل ما جاز أن يكون مبيعًا أو ثمنًا. وذلك لقول =


(١) سورة النساء: ٢٤.
(٢) سورة النساء: ٤.
(٣) سورة القصص: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>